أيضا ، وطالما تظلم أهل الكنيسة المتفرّعة من أداء العشر لها ، فلم يجد ذلك نفعا ، ولا يسمح للكنيسة المتفرعة أو لغيرها بوضع أجراس ، وإذا اضطرّ أحد من المتفرّعين إلى زواج مثلا أو معمودية أو غير ذلك من الفرائض الدينية ، وطلب من قسّيس المتأصّلة أن يقضي له ذلك حالة كون قسيسه غائبا لم يجبه إلى مطلوبه.
وقد بلغني أنّ رجلا مات ، وكان حال حياته مذبذبا في عقيدته ، فتنازع قسّيسا الكنيستين على أيّهما يدفنه ، وطال ذلك بينهما حتى أروح الميت.
نفوذ الكنيسة المتأصلة
ويمكن أن يقال : إنّ الكنيسة المتأصّلة هي ديوان من بعض دواوين الميري ، فإنّ كلمة ركطر القرية أبلغ نفوذا وفاعلية من كلمة ضابط البلد ، وليس شرطي الديوان في قريته إلا من بعض أتباعه. وإذا زاره أحد الفلاحين فلا يأذن له في الجلوس ، فهو على هذا جدير بأن يقال له : دهقان القرية أو شيخ البلد. وربّما بلغ دخله ألف ليرة ، فترى له أحسن الديار ، وعنده خدمة وعاجلة فاخرة وخادم يسوقها ، وعلى برنيطته شريطة من ذهب كخدمة الأمراء ، ثمّ إذا صعد المنبر وعظ المساكين المحتاجين إلى القوت الضروري بالزهد في الدنيا وتجنّب شهواتها.
ولا يمكن إقامة دعوى في ديوان أحد الأساقفة إلا بمصروف وافر ، فلهذا يتأتّى أن يعيش الرجل مع امرأة عيشة المتعة والسفاح إلا إذا صدر له حكم من ديوان الأسقف من دون نفقة ، وذلك نادر.
وهذه الكنيسة هي مثل الدولة في أنها لا تروم تغيير شيء من رسومها وتراتيبها وأحكامها ، فإن قسّيسيها يتلوّن فيها كتاب الزبور ، وبعض فصول التوراة والإنجيل ، وهي مخالفة لما في أيديهم الآن منها ، وذلك لأنّ كتاب الصلوات جرى استعماله عندهم قبل ترجمة التوراة ، فلمّا شرعوا في ترجمتها وجدوا أن ما أدرج فيه كان مخالفا للأصل فأبقوه على خلله. ومن يوم شرعوا في التأليف تجد اسم يسوع على نسق واحد في جميع كتبهم وكلامهم ، وهو جيسس ، إلا في موضع واحد من كتاب الصلوات المذكور فإنّه فيه جيسو ، فكأنّه في اللاتينية مجرور ، وكلّما طبعوا نسخة من