أمّا أهل الكنيسة المتفرّعة فهم أشدّ تحمّسا وتصلّبا من أولئك ، فقد يعظون الناس في الطرق والحقول ، ويوزّعون في البيوت كتبا ، ورسائل دينية ، وكذلك يفعلون في المدن الغنّاء. وربّما منعتهم الشرطة من الوعظ علانية لئلا تجتمع عليهم الأوباش ، فيكون من اجتماعهم ما يوجب النزاع.
ويذهبون إلى كنائسهم ثلاث مرّات في يوم الأحد ولا يعوقهم عن ذلك برد ولا ثلج ولا مطر ، والقاطنون منهم في أماكن منفردة يقصدون الكنائس القريبة ، وجميع القسيسين في بلاد الإنكليز يكلّفون خدمتهم وضيوفهم إلى حضور الصلاة في ديارهم صباحا ومساء ، وقبل تناول الطعام وبعده لا بد من تلاوة صلاة أو دعاء وإن غاب القسيس قامت امرأته في ذلك مقامه.
كهنتهم وكنائسهم
واعلم أن الكنيسة مؤلّفة من مطرانين ؛ أحدهما مطران كنتر بوري ودخله في العام خمسة وعشرون ألف ليرة ، وهو ثاني صاحب الملك في الرتبة والمنزلة ، والثاني مطران يورك ودخله خمسة عشر ألفا ، ومن خمسة وعشرين أسقفا وظيفة كل منهم من أربعة آلاف ليرة فصاعدا. ومتى عجز أحدهم عن القيام بخدمته رتّب له ألف ليرة. وقد كان لأسقف برهام ستّة عشر ألف ليرة ، فلمّا انزوى في قصره عيّن له نصف المبلغ. وتحت ذلك مراتب متعدّدة الأولى جانسيلر ، ثم الدين ، ثم الأرشيديكن أي رئيس الشمامسة ، ثم البريبندري ، ثم القانوي الأكبر ، والقانوني الأصغر ، ثم الفيكار ، ثم الركطر. وعدتهم بموجب آخر تعريف بلغت ٣٢٧ ، ١٢. وعدّة كنائس البروتستانط بلغت في سنة ١٨١٨ / ٧٤٢ ، ١١.
وفي القرن السابع كان للإكليروس كلمة نافذة حتى على الملك ، وفي سنة ١٨٥٤ بلغ ما جمع لنفقة كنائس إنكلترة وحدها في سنة ٥٤٠ ، ٣٠١ ليرة ، ولمساعدتها ٧٧١ ، ١٦٤ ، فتكون الجملة ٣١١ ، ٤٦٦ ليرة ، وفي سنة ١٦٠٤ استعفى منهم ألفان من وظائفهم كراهية أن يمضوا أسماءهم على كتاب الصلوات المشتمل على تسع وثلاثين عقيدة. ولهذه الكنيسة حقّ في أن تأخذ العشر من سائر الكنائس ، بل من اليهود