الوعظ التفت فرأى الناس نائمين ، فغضب لذلك وقال : بئس السامعون أنتم لكلمة الله ، إنّكم إن لم تسمعوها فستحسّون بها. ثم رفع التوراة من أمامه وضرب بها بعض النائمين حتى انتبهوا.
وفي يوم الأحد لا يعملون أدنى عمل حتى إن أكثرهم لا يطبخ ، ومنهم من يتحرّج من حلق شعره فيه أو من كتب رسالة. وقد أردت مرّة أن أنزل في بيت عجوز فأوّل ما اشترطت عليّ به كان عدم الطبخ يوم الأحد ، وعندي أن أصل ذلك البخل منعا للزيارة والاجتماع.
ويحكى عن رجل أنّه سرق بقرة فثقف يوم الأحد فقال للشرطي : لو لا حرمة هذا اليوم لما أعياني التملّص من يدك. وهذا اليوم في جميع البلاد الكاثوليكية الرومانية هو يوم الحظ والتزوار ، وفي هذه البلاد هو يوم الانقباض والكآبة ، وهو في سكوتلاندة أكثر قبضا وكآبة.
ولا بدّ من أن يكون في كلّ بيت توراة وإنجيل وكتاب صلوات ، فيقعد ربّ البيت ، ويحمل بعض أولاده على القراءة منها ، ويقضون النهار كلّه في القراءة والترتيل من الزبور وغيرهن وفي سماع الصلاة في الكنيسة ، ولا يكاد صاحب عيلة يجلس على المائدة للطعام من دون أن يصلّي أولا أو يجعل بعض أولاده يتلو صلاة ما ، وكذلك عقب الطعام ، ومن أمكنه أن يستعمل في هذا اليوم آنية وظروفا غير التي يستعملها في سائر الأيام عدّ ذلك من الاحترام والتوقير لليوم.
والغالب على الإنكليز عموما مراعاة الفروض الدينية ، إمّا عن تعبّد أو لمصلحة ، فإن الطبيب مثلا إذا علم منه أنه لا يحضر الصلاة ، أو ليس عنده كتب دينيّة في بيته ، أو كان قليل الاحترام لأهل الكنيسة فضلا عن كونه يجادلهم ، قلّ اعتباره عند ذوي الوجاهة ، وقلّ نفعه من حرفته ، وجلّ المؤلفين من الإنكليز يستشهدون بكلام من التوراة والإنجيل ترويجا لبيع الكتاب ، حتى إن بلير بنى معظم أساليب البلاغة والبيان في كتاب المعاني على عبارات من التوراة ، وهذا الرياء والتدليس قلّ أن يوجد في الفرنسيس ، فإن من كان منهم قليل الدين انقطع عن الكنيسة أصلا ، والمؤلّف منهم إذا كان غير ذي اعتقاد لا يستشهد بها في شيء ، ولا يكون ذلك باعثا لكساد حرفتهما.