والكرنب ، والنطرون والرمل ، وبستة وعشرين جزءا أخرى لطعمه ولونه ، وقس على ذلك النشوق والخردل والزيت والصابون والخل مع أن هذا الأخير يستقطر من نوع من الشجر ، وقيل من المزر.
فهؤلاء الناس الذين حكمهم كحكم سائر الناس في كونهم ترابا والى التراب يعودون ، قد خالفوهم في أنهم يأكلون التراب ويشربونه فحيا الإله عصا المحتسب. وهذا الطمع لقنهم أن يتّخذوا نبيذا من جميع الفواكه من أشهره نبيذ التفاح ، وقد كان عندهم في السابق بمنزلة الخمر في التنافس فيه ، فكانوا يسقونه الضيوف كما تسقى الصهباء. ثم أعود فأقول : إنه لا غرو أن يستطيب هؤلاء القوم ما ألفوه ، فإن العادة ـ كما يقال ـ خامس طبيعة ، أو ليس أن هنود لويزانيا يأكلون نوعا من لتراب الأبيض بالملح بدل الخبز؟ وهنود أرنو كوكو يأكلون أيضا نوعا من الطين اللزج الأبيض؟ والزنج يستطيبون نوعا من الثمر على الخبز. أمّا الأمراء والأغنياء من الإنكليز فإنّهم يستخدمون طبّاخين فرنساويين ويتلذّذون بأنواع من الألوان. ويعجبني من مآكلهم طبخ الفاكهة الطرية واليابسة في العجين ، وذلك غير معروف لأهل مصر والشام ، وهو من بعض ما تعلّمته الإنكليز من الفرنساويين حتى صار عاما لغنيّهم وفقيرهم. وأكثر أسماء الطبيخ عندهم منقول من اللغة الفرنساوية. وعندي أن اشتهار الأطعمة الفاخرة في الشام إنّما عرف في زمن معاوية ، فإنه كان يتأنّق في الطعام ، ثم نقلت إليهم ألوان كثيرة من العجم كما يظهر ذلك من بقاء أسمائها عندهم.
صلاتهم وطقوس عبادتهم
ثم إنه من رسوم الكنيسة المتأصلة أن تقام الصلاة فيها يوم الأحد ساعتين في الصباح ، وساعة ونصفا في المساء ، وإن لم يحضر فيها غير ثلاثة نفر ، فتسمع في خلال ذلك من تكرير الأدعية والابتهالات ما يذهب بالصبر ، وبعد ذلك يقوم القسيس ويخطب فيهم. وأكثر الفلاحين يذهبون إلى الكنيسة حياء من جيرتهم أو خوفا من القسيس لأن قسيسي هذه الكنيسة لهم سطوة نافذة على الرعيّة ، ومتى قامت الصلاة نعسوا أو تناعسوا ، وقد بلغني أن أحد هؤلاء الخطباء لمّا شرع مرّة في