وذلك في سنة ١٦١٠ وكان استعماله أولا في غاية الندرة ، فكان يباع الرطل منه من ست ليرات إلى عشر. ثم لما استقرّت جمعية الهند في تلك البلاد صاروا يجلبونه منها ، فرخص سعره وكثر استعماله ، وضرب المكس عليه في أميركا حين كانت ملحقة ببلاد الإنكليز كان من بعض الأسباب التي هيّجت الأهلين إلى النزاع والحرب. وقد حاول الإفرنج تنبيته في بلادهم فلم يتهيّأ لهم ، وجميع الأطبّاء يقولون : إن شرب الشاي غير نافع ، بل مضر ضررا بليغا بمن في عصبهم استرخاء ، ولا شيء أقرّ لعين صاحبة العيلة من الإنكليز من أن تشرب الشاي مع أولادها بقرب الموقد ، ولا سيّما إذا كانت مغلاة الماء تغلي ويسمع لها نشيش ، والبخار صاعد من بلبلتها ، وهذا هو أوفر الهناء الذي يعبّرون عنه بلفظة كمفورت.
ثمّ إن الإنكليز عموما يفتخرون بالهسبيتاليتي وهي قرى الضيف وبرّ الغريب ، والحقّ يقال : إنّهم في ذلك أكرم من الفرنسيس ، وخصوصا أهل الرستاق دون أهل المدن الجامعة ، فإن همّهم بتحصيل الكسب شاغل لهم عن الكرم ، إلا أن مآدبهم منغّصة بكثرة التحشّم والتكلّف الذي لا معنى له.
عادتهم في المآدب الحافلة
وقد جرت العادة في المآدب الحافلة أن يشربوا الشراب على ذكر مشاهيرهم وزعمائهم ، أو كما يقولون على صحّتهم ، أو بالحرى يشربون صحتهم. قال فلتير : الظاهر أنّا نشرب الشراب لأجل صحّتنا لا لأجل صحّة غيرنا.
وكانت عادة اليونانيين والرومانيين أن يشربوا ويقولوا كلاما يكون داعيا لأن يشرب غيرهم معهم ، لا أن يقولوا إنّا نشرب على صحّة فلان ، وكانوا يشربون في الأعياد تذكارا لإحدى الحظايا ، ومن هنا جرت العادة عند الإنكليز الذين يحبّون تجديد كثير من عادات الرومانيين أن يشربوا على ذكر إحدى الخواتين ، ويقال لها طوست ، وقد يقع الجدال بينهم والمناقشة ، هل تلك السيّدة جديرة بذلك أو لا.
ومن الأمور المهمّة عندهم أن يشربوا على ذكر ولي العهد الذي له حقّ في الملك ، فإنّ ذلك دليل على كون الشاربين من حزبه. قال برون أسقف كورك ـ وكان ممّن