ومن عادة النساء على الموائد أن يكشفن عن صدورهن وأكتافهن ، وأنصاف أعضادهن ، وهذه المواضع أحسن ما يرى فيهن. ومن عادة العجائز أن يتزينّ بما لهنّ من الحلي والجواهر والشعر العارية ، وليس ذلك من عادة البنات قبل زواجهن ، فترى البنت الباهرة بجنب أمّها السعلاة عطلا ، وتلك متبجحة بالقلائد والخواتم والأسورة والسلاسل ، إلا أنّهم في غير الولائم والسهريات لا يتحلّين بشيء ، ومن الأدب عندهن أن يأكلن وأكفّهن مستترات بالجلد الأبيض ، ويمضغن ما يأكلنه مضغا خفيا ، فإن فتح الفم للالتقام ، وشدّة لوك الملتقم من أكبر العيوب ، والذي يظهر لي أن نساء الريف بالنسبة إلى برودة قطرهن ، وصحّة أبدانهن قليلات الأكل جدّا ، ومع ذلك تراهن عبلا سمانا بخلاف نساء لندرة ، وقلّما تأكل إحداهن شيئا من دون شراب معه ، أو تشرب من دون أكل ، وربّما تغدى أحدهم بغير شراب ، فإذا فرغ شرب الشراب وحده. وعامّة الإنكليز يطبخون طعامهم بلا ملح ، وإنّما يملّحونه عند الأكل ، ويكثرون من الأبازير منتهى الإكثار ، ولا سيّما الفلفل والخردل ، فإنّ أحدهم ليضع في صحفته ملعقة من كلّ منهما ، والفلاحون يأكلون الحلواء قبل الطبيخ ، فهم في هذه كالترك ، ويشربون الحليب بالملح والفلفل ، وبعضهم يخلط الدقيق بقليل من السكر ويأكله. وقد دعاني بعضهم إلى أن أشرب معه القهوة ، وكان يأكل معها فجلا ورشادا ، فعرض عليّ فأبيت فتعجّب من ذلك. ومع افتقار هؤلاء الفلاحين وشدّة احتياجهم إلى أشياء كثيرة للدفء ممّا نستغني عنه في بلادنا ، وكذلك كإيقاد النار للاصطلاء مدّة ثمانية أشهر في لسنة ، وكلبس الجوارب والشعار من الصوف ، فقد ألفوا شرب الشاي ألفة شديدة حتى لم يعد ممكنا لهم أن يستغنوا عنه ، فيقال : إنّ مصروفهم منه في العام يبلغ نحو ثلاثين مليون رطل ، ومصروف جميع الممالك يبلغ نحو اثنين وعشرين مليونا. وقد جلب منه في العام الماضي سبعة وثمانون مليون رطل.
في الشاي
وأول ما عرف هذا النبات في أوربا كان من أهل هولاند ، فإنّهم جلبوه من الهند