يكرهون الملك وليم ـ : بودّي لو كنت أسد جميع تلك الزجاجات التي شربت لمجد هذا الملك ، وفي سنة ١٧٠٢ كتب منشورا إلى أهل إرلاند يعلن فيه بأن الشرب على ذكر الملوك معصية كبيرة ، ولا سيّما بعد موتهم لأنّ ذلك مناقض لأمر المسيح بقوله : اشربوا هذا لذكري.
وكذلك برين البرسبيتاريان ألّف كتابا كبيرا نهى فيه عن الشرب على ذكر أحد المسيحيين ، وحذا على حذوه كثيرون من أهل إنكلترة وفرنسا ، غير أن مؤلف يوحنّا غزي في هذا الباب لا يعلو عليه مؤلف ، قال وذلك كلّه من العبث.
قلت : وكانت العادة أنّهم إذا شربوا على اسم امرأة طرح الشارب شيئا من ثيابه ، فيلتزم جميع الحاضرين أن يفعلوا فعله ، فلمّا كان ذات يوم شرب أحد الأمراء على اسم محبوبته وطلب من الحلاق أن يقلع له ضرسا نخرا ؛ فاضطرت أصحابه أن يقتدوا به. وفي بعض صحف الأخبار حكاية عن رجل فرنساوي أنّه قال : قد حضرت أنا ورفيقي إلى الغداء إن صحّ أن يقال لتلك الصحاف غداء ، أمّا أولا فلأنه لم يكن معه شوربة ، ثم ترادفت علينا قطع من لحم البقر وقدر من لحم الضأن ، ثم وضعت البطاطس أمامنا على طبعها وعلى حالها وعوضا عن التوابل ، وكان لكل من الجلوس صحفة فيها سمن مسلي ، فشقّ عليّ هذه الحال التي رأيتها أوّل دخولي بلاد الإنكليز ، وقلت في نفسي : ألا إن هؤلاء القوم لحميّون ما يعرضون إلا اللحم ، ثم جالت الأفكار والخواطر في رأسي ، وقلت : ليت شعري ما سبب تفرّدهم بخصال لم يشاركهم فيها غيرهم من النفخة التي تظهر فيهم ، ومن عدم دربهم في الرقص ، وغلاظة أصواتهم في الغناء والتخاطب ، وكلوح سحنهم الناعسة؟ وعن ذلك كلّه كنت أقول في الجواب : إنّما هو لحم بقر ، إنّما هو لحم ضأن ، ثم دعيت إلى لون من الطعام نوهوا به باسم بت لكّ ، وهو اسم طالما طرق مسامع أهل بلادنا ، وكنت متشوّقا إلى أن أعرفه ، فلمّا كشف الغطاء عنه ونظرت إليه إذا هو لحم مشرّح شرائح رقيقة ، ومتبّل بالبصل ، فصرخت متعجّبا : لعمري إن هو إلا الذي نسميه بيفتك ، فلما قلت هذا تضاحكت الجلوس ، ولا سيّما واحدة من الخواتين كانت تتكلّم بلغتنا ، ثم قالت : إن اسم هذا اللون معناه بخت آكله تفنّنا في التسمية لا في المأكول.
وقال آخر : ما شيء بأعجب من رؤية ولائم الإنكليز التي تذكّر الناظر بالولائم