وساعة من قبلها على الطعام.
وإنّما تقوم النساء خوف أن ينهمك أحد الجلوس في الشرب فينطق بما لا يليق ، ولا بدّ في الموائد الحافلة من وضع السمك المسلوق أولا ، فأمّا الشوربة فهي عبارة عن حساء الفلفل ، وقد رأيت على هذه الموائد البطاطس يأتون بها في صحاف مفضّضة ، وتحتها فوط من الكتّان الرفيع ، فلم أدر ما المراد بهذا الاحتفال والتنطس ، فإنّ الخسيس خسيس حيثما كان ، والكلب كلب وإن طوّقته ذهبا.
وإذا فرغ الأكل ممّا لديه ولم يرد الزيادة وضع السكين والشوكة متوازيين ، وإذا شرب الشاي وضع الملعقة في الفنجان ، وعند صفّ أدوات الشاي تقوم السيّدة أيضا وتجلس في الصدر ، وتسأل من حضر : هل تريد أن تشرب شايا. فيقول : نعم إن شئت.
فتقول : أتشربه مع السكّر.
فيقول : نعم إن شئت.
فتقول : ومع الحليب.
فيقول : نعم إن شئت.
فتقول : وتأكل نصف هذه الكعكة.
فيقول : إن شئت.
فتقول : وربع هذه الفالوذة.
فيقول إن شئت.
وكلّما أكرم بإحدى هذه المركبات قال : إني أشكرك. وبالجملة فإن الدعوة عندهم ضرب من الأسر.
وقد أدبني أو أدب طربوشي أحد الوجوه في كمبريج إلى أن أشرب الشاي معه ، فقال: هل لك في أن تشرب الشاي معنا في إحدى الليالي ، ولكن بعد ثلاثة أسابيع؟ قلت : نعم. حتى إذا سرت إليه لم أجد على المائدة غير الصنف المعتاد منه مع أنّي كنت أظن أن توقيت تلك المدّة إنّما كان لجلبه من بعض البلاد.
وإذا كانوا مجتمعين في مجلس وأرادوا الخروج إلى محل المائدة أخذ الرجل بذراع زوجة غيره ، وأجلسها على الكرسي ، وأخذ غيرة بذراع زوجته ، وإذا بقيت واحدة بغير زبون كان ذلك داعيا لخجلها.