يقول للمرأة حين يضع الخاتم في إصبعها : بهذا الخاتم أتزوّجك ، وبجسمي أخدمك. ولا معنى للباء في قوله بهذا لأن الخاتم ليس آلة للزواج ، ولفظة اخدمك لا يفهمها أحد من العامّة بهذا المعنى. وعند تناول طعام العرس تلبس العروس ثيابا بيضاء ، وتقعد النساء على المائدة وعليهنّ برانيطهنّ.
وعادة الأغنياء منهم أن يعتزل الرجل بعروسه بعد عقد الزواج ، فيقيم معها شهرا في خلوة عن الشغل والأهل والأصحاب ، وتسمّى هذه المدّة عندهم قمر العسل. ولا يكاد المثري يتزوّج إلا مثرية مثله ، وإذا تزوّج الرجل امرأة ووضعت عنده بعد شهر ألزم بتبنّي الولد وتربيته وإن يكن من غيره. وكذا لو علم أنه عائش مثلا مع مومسة وولدت ولدا. ومن ثبت عليه أنه افتضّ بكرا فولدت منه أجبر على أن يؤدّي إليها في كلّ أسبوع شلينين ونصفا في الأقل إلى أن يبلغ الولد تسع سنين. أمّا الافتضاض قسرا فيعاقب عليه بالتغريب والنفي ، وكان يعاقب عليه في عهد وليم الأول بسمل العينين وفي عهد الصكصونيين بالموت.
ما يحمد من تربيتهم للأطفال
ومن العجيب أنّ الوالدين من الإنكليز إذا كانا قبيحين تأتي أولادهم ملاحا ، فإذا دام هذا الإسناع (٢٢٦) حقبة فلا يرى فيهم بعد من قبيح ، والظاهر أنّهم أحسن تربية للأولاد من غيرهم ، فإنّهم يغسلونهم بالماء البارد في كلّ يوم إذا كانوا أقوياء ، أو بالفاتر إذا كانوا ضعفاء ، ولا يقمّطونهم حتى يمتنعوا من الحركة كما يفعل في بلادنا ، وإنّما يشدّونهم بحزام فقط ، وبعد نصف سنة يعوّدونهم على الأكل الخفيف مع اللبن ، فلا تأتي سنة على الطفل إلا وهو يلتقم كلّ شيء ، ولا يكاد طفل يحدث في ثيابه أو يفحم (٢٢٧) من البكاء كما يكون عندنا ، غير أني كثيرا ما رأيت الأمّهات هنا يسقين
__________________
(٢٢٦) الإسناع : الجمال والحسن. وأسنع الرجل : جاء بأولاد حسان طوال. (م).
(٢٢٧) فحم الصبيّ : انقطع نفسه من شدّة البكاء. (م).