وتستعين بها على تنفيذ هواها وتطلعها على أسرارها. ويحمد أيضا من عاداتهم أنهم إذا استخدموا شخصا لسنة وأرادوا صرفه لغير ذنب نبهوه من قبل صرفه بثلاثة أشهر ، وعند الفرنسيس ينبهونه من قبل بثمانية أيام كذا في غالنياني ، فأما إذا كان مشاهرة فينبهونه قبل صرفه بأسبوع أو أدّوا إليه أجرة الشهر وصرفوه ، ومن يستخدم في الميري أو عند جمعية وأبلى في خدمته كان على ثلج من أن يزاحمه آخر على محلّه ولو بأجرة أقل ، وكل هذه المحامد معدومة في بلادنا ، فإنّ المخدوم يطرد خادمه بلا ذنب ولا مكافأة.
من غريب طباعهم
ولبعض كبراء الإنكليز طبع غريب لا أدري إلى أيّ شيء أنسبه وهو أنّه إذا باشر لهم أحد عملا لم يخطر بباله أن خدمته له إنّما هي عن حاجة ألجأته إلى إخلاق ديباجته ، فيأتي عليه حين من الدهر من غير أن يسأله : هل أنت محتاج إلى الدراهم ، أو لا ، ولكن اسمح لي أيّها المخدوم الأعزّ الأغرّ أن أترجم لك عن هذا الطلياني الذي يعلّمك الألحان ، وعن ذلك الفرنساوي الذي يعلّمك الرقص والتصوير ، وعن ذلك النمساوي الذي يعلّمك فلسفة اللغات ، فإنّي أخشى أن الأول يضيف إلى كلّ كلمة من لغتك حرف علّة ، والثاني ينقص منها الحرف الصحيح ، والثالث يبدل ويقلب ، فإنّه يرى أن لغتك فرع من لغته فلا يبالي كيف يؤدّي إليك المعنى ، فيشكل عليك فهمه ، بل دعني أكلّمك بلسان عربي مبين حتى يكون كتاب كلّه من نفس واحد ، وما على صماخك اللطيف الشريف من حروفه الحلقية من بأس ، فأقول : أيّ لذّة ترى لمعلّمك منهم في مجيئه إليك تحت المطر والثلج من مسافة ساعة فأكثر فيحوج إلى أداء شلين جعل الحافلة ، وإلى أن يضغط بين القاعدين فيه ، ثم بعد أن يخرج منه سالما يمشي ربع ساعة فيوسخ الوحل نعليه ، وتكسر الريح ظلّته ، ثم يأتي فيقرع الباب فيخرج خادمك إليه ، وينظر إليه كالمستخفّ به إذ يرى نعله قد ابتلّت ، وظلّته مفتوحة ، فإنه قد نقل عنك بالإسناد أن كلّ من يعيش بيديه ، ويمشي على رجليه لا يكون جنتل مان أي متخصّصا متّصفا بصفات الخاصّة ، ثم يعرض