حقّ الولاية عليهم مع أنه لم يكن له حقّ بولاية النورماندي إلا أن حقوق الولاية والملك حينئذ لم تكن في أوربا كما هي الآن.
وكان من جملة دعواه أنه قال : إنّي لمّا سافرت إلى جزيرة إنكلترا اجتمعت بالملك إدوارد فجعلني ولي عهده ، وإني أنقذت الملك هرلد من سجنه ، فوعدني أيضا بنقل الملك إليّ. ولما عرض ما نواه على أهل النورماندي وقع بينهم الخلاف في شأنه ، فمنهم من أبى أن يساعده ، ومنهم من رأى في ذلك مصلحة ، ومن جملة هؤلاء الدوك فتز اسبورن فإنه جهز معه أربعين سفينة ، وأمدّه أيضا حموه الكونت فلاندر بمال ، وكذلك البابا أعانه ، وحرم كل من يمانعه ؛ فسافر حتى بلغ ساحل صاسكيس ، فلقيه هرلد ملك الإنكليز بالجيوش ، ونشبت الحرب بين الفريقين فقتل هرلد وأخواه ، وانهزمت الإنكليز أمام وليم ، فزحف بالجيش نحو لندرة وهو ناشر علما كان قد باركه له البابا ؛ فدخلت الأساقفة في طاعته ، وأقبلت إليه القضاة بالتاج. فلمّا استوى على سرير الملك أذلّ الدانيزيين وأهل الجزيرة وقهرهم أيّ قهر ، وأحسن إلى أهل النورماندي الذين أعانوه ، وأجرى عليهم أرزاقا ، وأقطعهم إقطاعات جمّة فمن ثم كثرت هناك عيال النورمانديين الذين لم تزل أسماء ذراريهم معروفة بين الإنكليز. قال وكان دخل هذا الملك أربعمائة ألف ليرة ، وهي تبلغ بحساب قيمة الدراهم في زماننا هذا خمسة ملايين من ليرات الإنكليز.
قال : ثم إن الملك المشار إليه أبطل ما كان عند الإنكليز من الأحكام والشرائع ، وأقام شريعة النورمانديين مقامها وأجبر أهل الدعاوى على أن يتداعوا بلغة قومه ، وكذا كتب الصكوك والأحكام فبقيت لغته مستعملة إلى عهد إدوارد الثالث. وكانت تلك اللغة فرنساوية مختلطة بالدانيزية بعيدة عن الفصاحة بائنة عن البيان ، وكان ممّا سنّه الملك على الإنكليز إطفاء مصابيحهم في الساعة الثامنة من الليل ، وذلك عند سماعهم صوت الجرس ، إلا أن هذه العادة كانت جارية أيضا عند غيرهم من سكان البلاد الشمالية وكان البادئ بها أهل الكنيسة. انتهى.
فقد علمت ممّا تقدّم أنّ عليه الإنكليز هم من الغرباء الذين فتحوا هذه البلاد ، فإن قلت : إذا كان الأمر كذلك فما بالهم يخالفون عليّة فرنسا والدانيمرك في الطباع ، وفي كونهم كما سبقت الإشارة إليه كالزيت لا يختلطون بغيرهم أنفة وتكبّرا؟ قلت :