الفرق بين عامّتهم وخاصّتهم
ومن طبع الخاصّة منهم أن يتجنّبوا معاشرة العامّة ما أمكن ، ولذلك سببان : أحدهما ، وهو المشهور عند الناس عظم الفرق الحاصل بين الفريقين في الأطوار ، والأخلاق ، فإن العامّة في هذه البلاد ليس لهمحظ من الكياسة كما عرفت ممّا مرّ بك ، ولا تكاد خلائقهم وعاداتهم ترضي أحدا من البشر ممّن كان ذا ذوق سليم وطبع مستقيم ، فالأوباشية ظاهرة عليهم في كلامهم ، وحركاتهم ، وتخيّرهم للألوان ، وفي تصرّفهم وغنائهم وضحكهم. ومعلوم أنّه من يكون قد قرأ ودرى يستنكف من مخالطة أمثال هؤلاء ، والسبب الثاني ، وهو ما خطر لي أن أصل عليّة الناس هنا من أجيال مختلفة ، فإنّ الذين فتحوا هذه الجزيرة كانوا من فرنسا ، وشمالي أوربا ، ومعلوم أن هؤلاء الفاتحين هم الذين استولوا على أرض الجزيرة ، وعلى المراتب والألقاب الشريفة ، وأن الإنكليز القح بقوا بينهم مسودين مرؤوسين ، فبقي هذا الفرق في أعقابهم.
نبذة عن ملوكهم
قال فلتير : إنّه بعد وفاة ألفريد ملك إنكلترا وذلك سنة ٩٠٠ اختلّت أمور المملكة وتضعضعت أركانها فكان القتال مستمرا بين الصكصونيين ، وهم أوّل من غزوا الجزيرة ، وبين الدانيزيين ، ولمّا كان هؤلاء أعزّ وأقوى من الإنكليز لم يكن لهم بدّ من أن يؤدّوا إليهم ٠٠٠ ، ٤٨ ليرة لينصرفوا عنهم ، وذلك في حدود الألف. قال : ثمّ إنّ كانوت ملك الدانيمرك جار في حكمه على الإنكليز ، وبغى وطغى ، وفي سنة ١٠١٧ أعناهم تحت حكمه ، وعاملهم معاملة الأسرى ، فكان الدانيزي إذا أمر بالإنكليزي يلجئه إلى الوقوف إلى أن يمر.
فلمّا انقرضت ذريّة المذكور عادت إلى إنكلترا حريتهم ، فملكوا عليهم إدوارد الصكصوني ، وكان يلقّب بالقدّيس المعترف ، وإنما قيل له ذلك لأنه اعتزل زوجته عن كراهة لها ، ومات ولم يعقب ، وعند وفاته قام الأمير وليم دوك نورماندي يدّعي بأن له