فبشّرت آمالي بملك هو الورى |
|
ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر |
ولا شيء يعجبهم مثل أن تمدح بلادهم وعاداتهم.
من طبع الإنكليز
هذا وإنّ من طبع الناس عموما إذا احتاجوا إليك أن يعزّوك ، ويحتفوا بك ويروك أهلا لكلّ مكرمة ، وإذا أنت احتجت إليهم استخفّوك ورأوا فيك العجز والذلّ ، إلا أنّ هذه الخصلة غالبة على الإنكليز جملة وتفصيلا ، فمن رام أن يكرم نفسه عندهم فليظهر لهم أنه مستغن عنهم ، ولا يعرض لهم في طلب شيء ولا في استعارته ، وبناء على ذلك يصاحبون من يصاحبون أياما وشهورا وسنين ، ولا يسألونه عن مقدار دخله وخرجه ، ولا يريدون أن يسمعوا ذلك منه إذا ذكره. ومتى حللت هذه العقدة انقطع الحبل ، فذلك عندهم من السرّ الذي لا ينبغي إفشاؤه إلا عند الضرورة المقتضية له ، وكذلك لا يسألونه عن معتقده ومذهبه. وعندنا من تعرّف أحد بذي مقام فأوّل ما يشنّف سمعه به من المسائل قوله له : من أيّ ملّة أنت؟ فإذا لم يكن المسؤول على ملّة السائل سقط من عينه الشريفة ، أو بقي فيها كالقذى إن بقي محتاجا إلى عشرته ، فأمّا مسائل الإخوان والعشراء ، فأوّلها كم دخلك؟ وثانيها كم خرجك؟ وثالثها كم مرّة تعترف في السنة؟ ورابعها هل تأكل البيض يومي الأربعاء والجمعة؟ إلى آخره.
ومن طبع الإنكليز أنّه متى وثق أحدهم بإنسان ، وعرف منه الجدّ والاستقامة والأمانة يأتمنه على زوجته وبناته فيذهبن معه ليلا ونهارا بلا مانع ، ومن يحضر إلى بلادهم بوصاة من عند معارفهم احتفلوا به وعدّوه منهم ، وصمّوا آذانهم بعد ذلك عن سماع ما يقال فيه من الذم ، ولكن بشرط المحافظة على ذلك الأصل ، وهو إظهار التشبّع والاستغناء ، فأمّا إذا كان ذا بسطة في الجسم ومسحة جمال في الوجه فلا يعود يشينه شائن ولا يزحزحه قادح وطاعن ، ومتى دخل تحت حماية أمير منهم فقد دخل في ذمّة السموءل ، وفي حمى كليب فهو يحامي عنه بكل ما أطاق ، فهذا