عرّافات ومنجّمون
وفي بلاد الفلاحين ، بل في المدن الجامعة أيضا نساء يدّعين علم المغيبات بطرق مختلفة منها التأليف بين أوراق اللعب المزوقة ، وذلك بأن تصف منها ثلاثة صفوف ، كل صف يشتمل على سبع ورقات ، ثم صفّا رابعا من خمس ، أو خمسة صفوف كل منها يشتمل على خمس ورقات ، ثم صفّا آخر من اثنتين ، وتضمر أن إحدى المزوقات الحمر كناية عن امرأة وإحدى السود كناية عن رجل أسمر ، وتنسب لكل من الورقات المنقّطة خاصيّة من البخت وضده ، وتقابلها بتلك المزوقات التي عليها الإضمار ، ثم تستخرج من تلك المقابلة دلائل على ما يحدث بعبارة لا تخلو من الإبهام والتوجيه.
وقد اتفق لي وأنا مقيم في بيت قسيس من فضلاء الإنكليز أن حضرت امرأة من هؤلاء فقال لي : ها هي الشيطان. وذكر الاسم بالعربية ، فقالت : كلا ما أنا شيطان بل مبصرة البخت. فسألتها أن تبصر لي بختي ، فألّفت بين تلك الأوراق ثم قالت : ستكون سببا في تسفير رجل أسمر إلى بلاد بعيدة ، وإن امرأتك تأخذ في سفر طويل ، ويكون حديث في شأنك بعد مدّة ، وتحصل على هدية من الألماس ، وتذهب إلى جماعة عظيمة ويدعوك رجل من سادة الناس ؛ فتسافر إليه ويحصل توفيق لولدك وينال هدية ، وإن امرأة سمراء تساعدك على نوال أربك ، وإن رجلا أسمر يستدعيك إليه ، وتعدل امرأتك عن السفر ، ويحدث لك سفر غير متوقع مع رجل أبيض ، وامرأتك تأخذ هدية ، وإن رجلين أسمر وأبيض يشتركان في تسفير امرأة ، وإنّ سيّدة زهراء يكون لها مداخلة في أمرك ، ولك صديقة من النساء سمراء. وقد وقع ذلك كلّه إلا هذه الثلاث الأخيرة فإنّي لم أتحققها ، وكثيرا ما تذهب النساء الممتهنات بالخدمة والممتحنات بالعشق ، إلى هؤلاء العرّافات ويسألنهن عن أحوالهن ، ويعطينهن نصف ما تملك أيديهن. واتفق أن امرأة سافر عنها زوجها وانقطع خبره عنها مدّة طويلة ، ثم بلغها خبر وفاته ، فتزوّجت آخر فلقيت عرّافة ، فقالت لها العرافة : تعالي أخبرك بما لا تعلمين. ثم ذكرت لها من جملة كلام أن زوجها الأول حيّ ، وأنّه عازم على الرجوع ، فدخل الرعب في قلب المرأة ، فألقت نفسها في النهر. وقدّر لها