بالعبرية؟ أو أحشاء الله كما يقال باليونانية؟ وقد ذكرت ذلك لعدة من أهل المعارف منهم. وإنه من التعبير غير اللائق بجلالة تعالى ، فكلهم سه على وجه الله ، وعين الله ، ويد الله من دون فرق بين نسبة الأعضاء الحقيرة إليه وبين غيرها.
ومما أضحكني من الدكطر لي مرّة أنه دعاني للغداء يوما ، وكان ذلك في نحو الساعة الخامسة قبيل المغرب ؛ فقلت له : قد تغديت في الساعة الحادية على ما اعتدته ، فقال هذا لا نسميه نحن غداء ، وإنما نسميه عجالة. فقلت : هذا عندك لأنك تتغدى وقت العشاء ، فأما عندي فهو الغداء بنفسه وعينه.
والدكطر لي هذا كان يدرّس العربية في كمبريج ، ولم يكن يحسن التكلم بها ولو بجملة واحدة وكان ذا اجتهاد لا ملل معه. فكان يقعد على الكرسي للمطالعة أربع ساعات ولا يتحلحل عنه. وما أخال أحدا غيره اشتهر بما اشتهر هو به في علم اللغات المشرقية. وتوظفه في كمبريج هو السبب الذي حداني إلى الحضور إلى هذه البلاد لأن الجمعية لما استأذنت حاكم مالطة بواسطة وزير الأمور الخارجية في إحضاري لأجاور دكطر لي ظننت أنّ مكثي يكون في تلك المدينة. وهي وإن تكن لا تشوق أحدا للسكنى فيها غير من يقصدها للتفقّه في الفنون إلا أنّها على كلّ حال أحسن من القرى ، وذلك كنت أدريه من قبل إلا أن البواعث الحالية والدواعي الكونية أوجبت على الدكطر لي أن يعدّي عن وظيفته تلك ، وأن يكون قطع أنف عرفجة يوم الكلاب سببا في سجن مستملي جان بن بشر قاضي بغداد.
ولم يكن شيء يسلّيني في تلك القرية سوى ترقّب الشهر الذي يسافر فيه الدكطر المذكور إلى برستول لأسافر معه حيث قدّر علي أن أكون معه في كلّ مكان وزمان. غير أن المذكور توفي وأنا في باريس ، وأعفاني الله من السفر معه إلى تلك الديار ، فعفا الله بمنّه وكرمه.
مع شيخ العربية في أكسفورد
لما حان الذهاب إلى برستول مررت بأكسفورد ، وقصدت أن أرى خزانة الكتب ، فسألت بوّاب المدرسة عن شيخ العربية ليهديني لها. فأخذ يطالع في فهرسة المعلمين