حقّها أو يخطئ
فيها ، وفي عنوان كتابه تعلّق عليه جلاجل من الألقاب الطّنّانة ، فيكتب له أنه من
أعضاء جمعية كذا ، وملخّص كتاب كذا ، ومحرّر نبذة كذا ، وخطيب مثابة كذا ، وهلم
جرا.
ولو عصرت كتابه
كلّه لما بللت منه صدى مسألة. وأقبح من ذلك أنّهم لا يأخذون اللغات عن أهلها ،
فمهما يخطر ببالهم في تأويلها يقذفوا به جزافا من دون تحرّج أن ينسبوا إليها ما
ليس منها.
انظر إلى ريشردصون
الذي ألّف كتاب لغة يشتمل على لغته وعلى لغتي العرب والفرس ، فأقسم بالله إنه لم
يكن يدري من لغتنا نصف ما أدريه أنا من لغته. لا بل سوّلت له نفسه أيضا أن ترجم
العربي فخلط فيه ولفّق ما شاء ، فمثّل للإضافة بقوله : قدح فضة ، ملك كسرى ، رأس
أمان ، الغالب عجم ، غالب عجم ، كتاب سليمان ، نصرا عقبه ، وفسرها بأنّها مثنى
مضاف إلى العقبة ، ونصروا عقبه ، النصرا عقبه ، النصروا عقبه.
وأورد حكاية من
كتاب ألف ليلة وليلة عن ذلك الأحمق الذي قدر في باله أن يتزوّج بنت الوزير ، فلمّا
وصل إلى قوله «ولا أخلي روحي إلا في موضعها» ترجمها بقوله : «لا أعطي الحرية لنفسي
أي لزوجتي إلا في حجرتها» ، وقوله أيضا «ولا أزال كذلك حتى تتم جلوتها» صحّف «جلوتها»
بجلدتها ؛ فقال : «ولا أكفّ حتى يتم ذلّها» ، وعند قوله «حتى يقول جميع من حضر»
كتب في الحاشية «حظر» ، وحضرة بمنزلة السموّ في الإنكليزية ، وقس على ذلك.
رأي فيما ترجموه إلى لغتهم من العربية
وإذا ترجم أحدهم
كتابا رقّعه بما عنّ له ، وسبكه في قالب لغته. فقد قرأت كثيرا ممّا ترجم من كلامنا
إلى كلامهم فإذا هو مسبوك في قوالب أفكارهم مما لم يخطر ببال المؤلف قط. وقرأت
ترجمة منشور صدر من السلطان في الحضّ على الجهاد من جملته : «ليس لعبّاد النبي من
خلاص في هذه الدنيا ، ولا في الآخرة إلا بجهاد الكفار» فانظر إن كان المسلمون
يقولون : إن النبي معبود. وما رأيت أحدا تحرّج من هذا