فقال : «من أي البلاد»
فقلت : «هو»؟ أي من؟ أريد من تعنى؟
فقال : «آه من هوه! معتقدا أن هو اسم علم على مدينة
ثم قال : أتعرف في هو فلانا؟ وسمّى رجلا!
قلت : أنا لست من مدينة هو ، وإنما أنت سألت سؤالا مبهما يصلح لأن يخاطب به أي إنسان كان ، فإذا أردت الآن أن تعرف اسم بلادي فهي سورية.
فقال أحد الجلوس بعد طول تأمّل : «هل سورية مدينة كبيرة»؟.
إلا أنّ بلادتهم هذه مقرونة بشيء من سلامة الصدر وخلوص النية كما أنّ فطنة الفرنسيس مقرونة بالمكر والمحال ، وكما أنّ عامّة الفرنسيس يحسبون كل غريب فيهم من إسبانيا ولا سيّما إذا كان أسمر اللون. كذلك عامّة الإنكليز يحسبون كل غريب بينهم فرنساويا سواء كان أسمرا أو أسودا وسواء كان على رأسه طربوش ، أو طرطور.
هذا ولمّا كانت خلّة الجهل أبدا ملازمة للفظاظة والخشونة كان لهؤلاء القوم الحظ الأوفر ؛ فإنّهم قد حدّقون في وجه الغريب ، ثم يتبعونه بقهقهة ويسخرون منه ، ولا سيّما إذا لم يكن يحسن النطق بلغتهم على أنهم هم أنفسهم لا يحسنون النطق بها ، فكلامهم كلّه لحن وخطأ.
غناؤهم
أمّا غناؤهم فلا يمكن لذي ذوق أن يطرب به ، وقد سمعت أغاني الفرنسيس وسائر الإفرنج فوجدت بعضها يطرب ويشجي لأن فيها مدا وترجيعا. فأمّا أغاني الإنكليز غير التي يتلقونها من الطليانيين والفرنساويين في الملاهي فكلّها نبر ودرج (١٧٦).
__________________
(١٧٦) الدرج : الرجوع في الأمر المتروك. (م).