توفّى أجرتهن. وما عدا ذلك فإنّ كثيرا من الآلات التي اخترعتها الإنكليز صارت تغني عن اليدين.
فأمّا الطبخ ، فإنهم لا يتفنّنون فيه طبعا لأن أحب شيء إليهم منه إنّما هو الشراء.
فطبّاخهم فيه إنّما هو النار. ولما كان وقتهم كلّه مصروفا في العمل وتحصيل الكسب فلا يرون ضرورة لصرفه في تعدّد ألوان الطعام. وفي الجملة فإنّ الإنكليز يحقّ لهم أن يقولوا : إن بلادهم منبت النساء ومعدن الأزواج ، بمعنى أنّ من تزوّج إحداهن فقد هنأه العيش ، وقرّت عينه بما يراه من نظافة منزله مع الاقتصاد في النفقة ، وراحة البال من الأسباب الباعثة على الغيرة.
تمهيد في طبقات المجتمع الإنكليزي
أمّا أخلاق الإنكليز وعاداتهم ، فالواجب أن أمهّد للقول فيها مقدّمة وجيزة لإزالة الالتباس فيما يرد من بيان ذلك. فأقول : إن هذا الجيل ينقسم إلى خمس طبقات :
الطبقة الأولى : الأمراء والوزراء ، والأشراف والنبلاء ، وذوو المناصب السامية ، ويلحق بهم الأساقفة.
الثانية : الأعيان وهم الذين يعيشون من أرزاقهم وأملاكهم ، لا من معاطاة شغل أو حرفة ، وليس لهم جلاء أي لقب تعظيم.
الثالثة : العلماء والقضاة والفقهاء ، ويلحق بهم القسيسون والتجّار أهل المراسلات. الطبقة الرابعة : التجار أصحاب الدكاكين ، والكتّاب ، وهم الذين يحتاجون إلى تحصيل معاشهم بالاحتراف والاصطراف ولكن من دون ابتذال ماء الوجه. الخامسة : أهل الحرف والصنائع والعملة ، ويلحق بهم الفلاحون ، وهم الجمهور الأكبر.
عاداتهم وأخلاقهم
فعادات أهل الطبقة الأولى مباينة بعض المباينة للثانية ، ولكن ليس بينها وبين الأخيرة من مناسبة أصلا كما سيأتي. وعادات أهل الطبقتين الثالثة والرابعة