عامّتهم وفهم التوراة
وهنا ينبغي أن يلاحظ أنّ عامّة الإنكليز يقرؤون التوراة والإنجيل بلغتهم ، ولكن قلّ منهم من يفهمها. وقد جرى مرّة ذكر ذلك بحضرة جماعة ادّعوا بأنّهم لا يفوتهم شيء من فهم الكتاب الأوّل ، وأن سعادة بلادهم وغبطة أحوالها إنّما تسبّبت عن ذلك ، فقلت لهم : أمّا السعادة والغبطة فلست أباحثكم فيهما ولا أسلّم لكم بأنكم أعد من غيركم ، وأما الفهم فما أخالكم تفهمون كل ما تقرؤون في التوراة.
قالوا : سلنا عن شيء منها.
فقلت : على شرط أن لا يسوءكم.
قالوا : لا تخش من الإساءة فإنّ هذه البلاد بلاد الحريّة.
قلت : ما معنى الغرلة (١٧٢) حين طلب شاول من داود أن يمهر ابنته مائة غلفة من أهل فلسطين ؛ فمضى داود وقتل منهم مائتين وجاء بغلفهم إلى شاول؟ فقالوا : لا ندري.
قلت : بل لا تدرون أيضا كيف أنّ الرجل يمهر المرأة وعادتكم بخلاف ذلك. قالوا : بيّن لنا ذلك.
قلت : ههنا نساء وأخاف أن أفسّر لكم معنى اللفظة فتنقبض النساء.
قالوا : إذا كان ذلك كلام الله فلا حرج ، ففسّرت لهم حينئذ معناها. فما كان من إحدى النساء إلا أن أخذت الكتاب ورمت به الأرض وقالت : «معاذ الله أن يكون هذا الكلام كلام الله».
نساء الفلاحين والشؤون المنزلية
أمّا الخياطة والوشي فقد تقدّم أنّ نساء الفلاحين لا يلبسن سوى الشيت فلا حاجة إلى تطريزه ، وكلّ واحدة منهنّ خيّاطة لنفسها. وإذا خطن تحت يد تاجر فقلّما
__________________
(١٧٢) الغرلة ، والغلفة : الجلدة التي تقطع عند ختان الصبي. (م).