وقال آخر :
قالوا : تحبّ السواد قلت لهم |
|
أحبّه في الشعور والحدق |
قالوا : وتهوى البياض قلت لهم |
|
في الوجه والمعصمين والعنق |
ثم لا يخفى أنّه لمّا كانت أسباب الفساد في القرى الصغيرة صغيرة لم تكن النساء هنا مائلات إلى الفواحش والفسق كما هو شأن نساء المدن الحافلة ؛ ولهذا كان عيش المتزوج في بلاد الفلاحين من هذا القبيل أهنا من عيش المتمدّنين.
عن نساء الإنكليز ونساء الفرنسيين
والذي أتحققه أن عيش المتزوجين من الإنكليز في كلا الموضعين وإن لم يكونوا يحتفون بأزواجهم ، ويكرّمونهن أمام الناس كما تفعل الفرنسيس إلا أنّهم أكثر إحصانا منهم لفروجهن ، وأوفر مودّة ووفاء لهنّ في الحضرة والغيبة ، هذا في حق الأزواج ؛ فأمّا في شأن الرجال والنساء مطلقا فإن رجال الفرنسيس أرفق وأحفى ، فإن أحدهم ليؤثر راحة المرأة أيّا كانت على راحة نفسه. فإذا تبوأ مثلا مقعدا في سفينة أو رتل ، ودخلت امرأة ولم تجد لها محلا فاضطرت إلى القيام قام من موضعه وأجلسها فيه. وكذا لو وقع منها منديل ونحوه بادر حالا إلى مناولتها إياه ، وعندهم كلمة مخصوصة لمثل هذه الأفعال.
أمّا الإنكليز فلا يبالون بذلك ، وكنت كثيرا ما أرى رجالا منهم يضغطون النساء والأولاد حتى يسبقوهن إلى موضع يتبوّؤنه ، فإذا دخلت النساء ظللن قائمات وحين يسافرون في الأرتال أو الحوافل يتخيّرون أحسن المقاعد ، وربّما أداروا ظهورهم للنساء غلاظة وسوء أدب. نعم إن نساء الفرنسيس أكثر تأدّبا وكياسة في الظاهر من نساء الإنكليز إلا أن هؤلاء جديرات به من عدّة وجوه ، وفضلا عن ذلك فقد يقال إن زيادة تكيّس أولئك أصلها من زيادة الإكرام لهنّ ، وإنّما هو جفاء غريزي في طبع الرجال حتى إن النساء اعتدن عليه ، ولا يرين فيه نكرا إلا إذا عاشرن الأجانب ، وهذا هو