ذلك فتأهّل بها.
النّور في إنكلترة
ومن الغريب أنّ هذا الجيل يعيش في هذه البلاد عيشة النّور في برّ الشام سواء إذ ليس لهم مقرّ معلوم للإقامة ، فمرّة يسكنون الغياض ، ومرّة الخصاص ، وبعضهم يأوي إلى نحو هودج يجرّه حصان فيجعل فيه رحله وأثاثه ، وهكذا يطوف في البلاد ، وإليهم تنسب سرقة الدجاج والخيل ، أو في الأقل أذناها ، والإنباء عن البخت. ولهم لسان خاص بهم ، ويقال لشيخهم ملك إلا أنّهم يخالفون نورنا بكونهم غير مولعين بالطرب والرّقص ، وما ذلك إلا لكونهم مولودين تحت رقيع (١٦٩) الإنكليز الكالخ. ولّما كان هؤلاء يعنتونهم في السكنى تنصّر منهم كثير ، فإن قلت كيف يبصّرون البخت ، والإنكليز لا يعتقدون بهذه الأمور؟ قلت : إنّ عامّة الإنكليز على غاية من الجهل ، فعندهم من التفاؤل والتشاؤم ما عند عامّة بلادنا كما سنبيّن ذلك بعد.
شيء من تاريخهم
وعن بعضهم أنّ هؤلاء الجبسس هم إحدى عشائر مصر الذين خلعوا عنهم نير الطاعة للترك حين غزوا بلادهم حتى إذا فشلوا تفرّقوا في الأرض ، فكان أول ما ظهروا في جرمانيا ، وذلك نحو سنة ١٥١٧ وحيث كان الناس إذ ذاك على جانب عظيم من الوساوس والأضاليل ، وظنّوا بهم علم بصر البخت رحّبوا بهم في كلّ مكان ، وفي سنة ١٥٦٠ نفوا من فرنسا ، ومن غيرها أيضا ، إلا أنّهم لم يزالوا موجودين في كلّ مملكة. وفي أيام شارلس الأول قتل ثلاثة عشر شخصا من الإنكليز لاختلاطهم بهم ، وأخرب مأواهم في نوروود ، وذلك سنة ١٧٩٧ وعوملوا معاملة البطالين التائهين. وقبل سنة ١٨٠٠ كان منهم في إسبانيا أكثر من مائة وعشرين
__________________
(١٦٩) الرقيع : السماء. (م).