المؤمّل بن أحمد بن محمّد الشّيباني ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا محمّد بن عثمان بن كرامة ، نا عبيد الله بن موسى ، نا إسماعيل بن عياش ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي النّضر المدني :
أنه سمع كتابا كتبه عبد الله بن أبي أوفى إلى عمر بن عبيد الله بن معمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم انتظر ذات يوم في بعض مغازيه حتى إذا مالت الشمس قام في الناس فقال :
«لا تمنّوا لقاء العدو ، فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم ـ وقال أبو القاسم الأنصاري : لعلكم لا تثبتون ـ وسلوا الله العافية ، فإن أتوكم فاثبتوا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ثم دعا فقال : «اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم» [٤٨٦٢].
قال أبو بكر بن حبيب : كان أبو القاسم هذا إماما في التفسير وعلم الكلام.
كتب إليّ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر يخبرني في تذييله كتاب تاريخ نيسابور (١) قال : سلمان بن ناصر بن عمران بن محمّد بن إسماعيل بن إسحاق بن يزيد بن زياد بن ميمون بن مهران أبو القاسم الأنصاري الصوفي الإمام الدّين الورع ، فريد عصره (٢) في فقه ، بيته بيت الصلاح والتصوف والزهد ، وهو من جملة الأفراد في علم الأصول والتفسير ، خدم الإمام أبا القاسم القشيري مدة ، وحصّل طرفا صالحا من العلم منه ، وسافر بعد ذلك إلى الحجاز ، وخرج إلى الشام وزار مشاهد الأنبياء وبقي بها مدة ثم عاد إلى نيسابور ، واختلف إلى إمام الحرمين واستأنف (٣) تحصيل طريقته في الأصول ، وتخرج بها وصنّف تصانيف حسنة ، وكذلك صنف في التفسير ، وأخذ في الإفادة ، وكان حسن الطريقة دقيق النظر ، واقفا على مسالك الأئمة وطرقهم في علم الكلام ، بصيرا بمواضع الإشكال مع قصور في تقرير لسانه ، فكانت معرفته فوق نطقه ، وكان له معرفة بالطريقة ، وقدم في التصوف ونظر دقيق ، وفكر في المعاملة وتصاون في النفس ، وعفاف في الطعم ، وسمع الحديث من المشايخ وأكثر
__________________
(١) انظر المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور رقم ٧٩٧ ص ٢٤٩.
(٢) في المنتخب : عزيز عصره في وقت.
(٣) رسمها بالأصل «واننفانف» كذا والصواب عن م : «واستأنف» وكما يفهم من عبارة السبكي وفيه : واستأنف تحصيل الأصول على الإمام.