ومشركين بالله ،
وقلة من المؤمنين ، وآخرين قالوا هو ابن الله تعالى ، ومنهم من قال هو ثالث ثلاثة
، وتلاشت رسالته في المحبة والسلام إلا عند الحواريين وجملة من الصالحين ، وأخيراً
إجتمعوا على قتله صلباً ، فشبه لهم في أمره ، ورفع إلى السماء بأمر الله تعالى : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ
وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ
مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ
يَقِينًا (١٥٨)
بَل
رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
(١٥٨)
) .
وأعطاه الله خصيصةً جديرة بالعناية ،
ومنحةً كبرى ينبغي الوقوف عندها بكثير من الرصد الخاص ، لأنها ذات دلائل خاصة ،
يقول تعالى : (
وَإِن مِّنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا
(١٥٩)
) .
وهذه الخاصيّة الكبرى أن سيؤمن به أهل
الكتاب جميعاً بعد نزوله إلى الأرض ، لا شك لهم في ذلك ، ومن ثم تترتب على هذا
النزول ومشاهده وعوالمه وبركاته خصوصية أخرى بأن يكون عليهم شهيداً يوم القيامة ،
ويتحقّق ذلك إن شاء الله بعد صلاته خلف القائم من آل محمد عجل الله فرجه ، في
المسجد الأقصىٰ كما عليه روايات المسلمين كافة.
وتضيء الدنيا بخاتم النبيين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو رسول رب العالمين ، وآخر أولي
العزم من المرسلين ، قال تعالى : (
وَنَذِيرًا
وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
) .
وكان أول ما نزل عليه من القرآن قوله تعالى : (
اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
(١) خَلَقَ الإِنسَانَ
مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ
(٣) الَّذِي عَلَّمَ
بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
(٥) ) .
ولهذه البداية سر عظيم نشير إلى بعض
نفحاته ، فالمجتمع الجاهلي مجتمع وثني ، فلا بد أن ينبه إلى خالقه العظيم في
دلالية موحية إلى التوحيد وطرح الصنمية الشائعة ، والقرآن أنزل على أمي لا عهد له
بالقراءة ، ليبلغه
__________________