وانتصر موسى عليهالسلام بعد خطوب وخطوب ، وأُغرق فرعون وقومه في البحر ، وذهب موسى لميقات ربه ، وأضل السامري من بعده قومه ، واختار موسى من قومه سبعين رجلاً فأخذتهم الرجفة بما جعل موسى في حيرة بما أضربه القرآن العظيم : ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ) (١).
وجرت الملاحم الكبرى على يد موسى بما يستوعب مساحة مثلى متميزة في القرآن العظيم ، وابتلى بشعب خائر متردد جبان إنتهىٰ أمره أن يقول لموسى : ( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) (٢). وفي هذا كشف عن مناخ الشعب اليهودي في صفحات كثيرة من شذرات القرآن الكريم مرتبطة بالفساد والافساد والخور والطغيان وقتل الأنبياء ، ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (٨٧) ) (٣).
وكانت نبوة عيسى عليهالسلام فيصلاً بين الحق والباطل في مولده العجيب وسلوكه الانساني وصدره الرحيب ، وما أيّده به الله تعالى من الآيات الباهرات والمعجزات الخوالد بما أقتصه في كتابه العزيز : ( إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَىٰ بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (١١٠) ) (٤).
ومع هذه الدلائل الناصعة فقد انقسم الناس تجاهه إلى : كفرة به ،
__________________
(١) الأعراف : ١٥٥.
(٢) المائدة : ٢٤.
(٣) البقرة : ٨٧.
(٤) المائدة : ١١٠.