١٠٢ ـ ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن أحمد بن محمد بن محمد ، البرهان أبو اسحاق بن الشمس الخجندي ، المدني الحنفي ، سبط أبي الهدى بن التقي الكازروني : وأحد أعيان جماعته ، بل إمام الحنفية بطيبة ، الماضي جده ، ولد في يوم الجمعة عاشر جمادي الأولى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة بطيبة ، ونشأ بها ، فحفظ القرآن ، والكنز ، وأخذ في الفقه عن أخيه الشهاب أحمد ، والفخر عثمان الطرابلسي ، وفي العربية وعلم الكلام : عن أحمد بن يونس المغربي ، وكذا أخذ في شرح العقائد عن السيد السمهودي ، وسمع على أبيه ، وأبي الفرج المراغي ، وقرأ بمكة في منى على النجم بن فهد : الثلاثيات ، ودخل القاهرة غير مرة ، أولاها : سنة أربع وسبعين ، وسمع بها على الشاوي ثلاثيات الصحيح وختمه ، وغير ذلك منه ، وعلى الديمي ، وأجاز له جماعة من شيوخها ، وأخذ فيها الزين قاسم ، والعضد الصيرافي الفقه وغيره ، وعن الناظم الفقه وأصوله ، والعربية ، وعن الجوهري : العربية ، وكذا قرأ فيها على الزين زكريا ، شرحه للشذور ، ولازم الأمين الأقصرائي في فنون ، وقرأ عليه كثيرا ، وأكثر أيضا من ملازمته رواية ودراية ، ثم كان ممن لازمني حين إقامتي بطيبة ، وقرأ عليّ جميع ألفية العراقي بحثا ، وحمل عني كثيرا من شرحها للناظم سماعا وقراءة ، وغير ذلك من تأليفي ، ومروياتي ، جرى ذلك في البحث والتحرير ، والتدبر والتصوير ، بحيث أفاد واستفاد ، وأجاد فيما أبداه وأعاد ، وأذن بحسن إدراكه وتصويره ، وجودة مشاركته وتقديره ، وأنه يستحق أن يحتبى بين يديه للتقدير ، ويتردد إليه للإيضاح والتصوير ، لا سيما وقد انضم إليه من وفور العقل والسكون ما يتم به الإصغاء لما يبديه والركون ، فليتقدم لإقراء من يلتمس منه ذلك ، وإبداء ما تحمله مما يتهذب به السالك ، ناويا بذلك وجه الله عزوجل ، آتيا من الألفاظ اللينة بما هو في فهم المعاني للطالب أدل ، ووصفه سيدنا الشيخي : بالإمامي العالمي العاملي الأوحدي المفتي ، صدر المدرسين ، مفيد الطالبيين ، بقية العلماء المعتمدين ، وثقة المشايخ المسددين ، ووالده الشيخ الإمام ، العالم الناثر الناظم ، وقد ولي إمامة الحنفية بالمدينة بعد أخيه أحمد ، وتزوج ابنة الشيخ محمد المراغي ، ونعم الرجل فضلا وعقلا ، وتواضعا وسكونا وأصلا وخبرة ، وسمعته ينشد مما قاله وهو بالقاهرة ، لما بلغه ما وقع من الحريق بالمسجد النبوي :
قلت : بمصر جاءنا خبر |
|
وقد جرى بطيبة أمر مهول |
خافت النار إلها فانتحت |
|
تتشفع لائذة بالرسول |
مات فجأة في جمادي الأولى سنة سبع وتسعين وثمانمائة ، سقط عليه وعلى ثلاثة من خدمة العمال له جدار ، بعد أن صلى الظهر ، وصلي عليه بعد العصر ، ثم دفن ، وخلف عدة أولاد ، وأسند وصيته لابن أخيه ، وتأسفنا على فقده رحمهالله ، وعوضه الجنة.