بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
خطبة الكتاب
الحمد لله شرف المحال في الحال والاستقبال بمن إليها هاجر وبها حل ، سيما أن كان الذي أرشد لكل خير ودل ، وصرف عنها تلك الظلمة والمحال ، فنادت أركانها وجهاتها المنخفضة والعوال حتى أضاء بها كل شيء عظم أو قل ، حسبما شوهد من الأماكن النائية ، مما المقام فيه أعلى وأجل ، عظم أو قل ، وعرف من نور بصيرته بركتها الموازية للغنائم والعطايا الزائد بها الاحتفال وللسرايا القادم أهلها بالبشارة ببلوغ الآمال. في الحل والارتحال ، (فأكرموها) عن سلوك ما لا يرضى. إن غلط الواحد منهم أو زلّف وعظموها بربط قلوبهم عن المناكير والمعضلات التي لا تحتمل ، سيما ومن المعلوم : أن الأماكن الشريفة مرتفعة عن تلك المحن والأوحال ، ممتنعة من إقرار الخبث بها وصرف المجانب فيها للعدل والاعتدال ، إذ القاذورات للمبتلي بها أو عليها أقبل بالأماكن الدنيئة الخسيسة غير مضاعفة كهى فيها عند جماعة من اعتدل ، والكل سائرون مع القدرة الإلهية التي لا محيد عنها ولا انتقال. فسبحانه له الحمد على كل حال ، ومنه الاسترشاد والاهتداء لطرق السعد ، وتجنبا لوباله ، وبنعمته تتم الصالحات ، وبرحمته تنمو الرابحات وإن كانت قليلة العمل. والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف مرسل ، وعلى آله وصحبه وتابعيهم المندفع الكرب عن سائر من به ، ثم بهم ، ببركته توسل. وبعد ، فما كان من المعلوم المقرر عند أولي العقول الصحيحة وثاقب الفهوم : أنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة وبتتبع آثارهم يندفع كل بلاء ونقمة. وأن الثناء على المدرج فيهم من الأموات رحمة للأحياء من أهل المودات والاشتغال بنشر أخبار الأخيار ولو بتواريخهم ، من علامات سعادات الدارين لأولي العرفان والاختبار ، بل يرجى إسعافهم للمقصر الذاكر لهم بالشفاعة ، وإتحافهم من المولى بمرافقة أهل السنة والجماعة إلى غير هذا مما يرغب فيه ، ويحبب للتوجه إليه كل وجيه.