الدرهم في كل وجنة ، وإذا شجّة في جبهته عند أصول الشعر ، وإذا شفته السفلى تدمى ، وإذا رباعيته اليمنى شظيّة ، وإذا على جرحه شيء أسود ، فسألت ما هذا على وجهه؟ فقالوا : حصير محرق ، وسألت من دمى وجنتيه؟ فقيل : ابن قميئة فقلت : من شجه في جبهته؟ فقيل ابن شهاب ، فقلت : من أصاب شفته؟ فقيل عتبة ، فجعلت أعدو بين يديه حتى نزل ببابه فما نزل إلّا حملا ، وأرى ركبتيه مجحوشتين (١) يتكئ على السعدين : ـ سعد بن عبادة ، وسعد بن معاذ ـ حتى دخل بيته.
فلما غربت الشمس وأذّن بلال بالصلاة خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مثل تلك الحال يتوكّأ على السعدين. ثم انصرف إلى بيته ، والناس في المسجد يوقدون النيران يتكمدون بها من الجراح. ثم أذّن بلال بالعشاء حين غاب الشفق ، فلم يخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجلس بلال عند بابه حتى ذهب ثلث الليل ، ثم ناداه : الصلاة يا رسول الله ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد كان نائما. قال : فرمقته فإذا هو أخفّ في مشيته منه حين دخل بيته ، فصليت معه العشاء ثم رجع إلى بيته ، وقد صفّ له الرجال ما بين بيته إلى مصلّاه ، يمشي وحده حتى دخل ، ورجعت إلى أهلي فخبّرتهم بسلامة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحمدوا الله على ذلك ، وناموا وكانت وجوه الخزرج والأوس في المسجد على باب النبي صلىاللهعليهوسلم يحرسونه فرقا من قريش أن تكر.
قال : وأنا أبو عمر ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، نا سعيد بن أبي زيد ، عن ربيح بن عبد الرّحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : عرضت يوم أحد على النبي صلىاللهعليهوسلم وأنا ابن ثلاث عشرة فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول : يا رسول الله إنه عبل (٢) العظام وإن كان مؤذنا قال : وجعل النبي صلىاللهعليهوسلم يصعد فيّ ويصوب ثم قال : «رده» فردّه ، قال محمّد بن عمر : والمؤذن القصير.
قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني الضحاك بن عثمان ، عن محمّد بن يحيى بن حبان ، عن ابن محيريز ، وأبي صرمة عن أبي سعيد الخدري قال : خرجت مع
__________________
(١) أي قشرنا من شيء ما أصابهما ، والحجش : قشر الجلد من شيء يصيبه ، أو كالخدش ، أو دونه أو فوقه ، والمحجوش : من أصيب شقه.
(٢) عبل : ضخم ، فهو عبل (القاموس).