الملك المجاهد على بن الملك المؤيد داود بن الملك المظفر
يوسف بن الملك المنصور عمر بن على بن رسول صاحب اليمن (١)
حجّ سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة ، واطلع علمه جبل عرفة وقد وقف بنو حسن فى خدمته حتى قضى حجه. وعزم على كسوة الكعبة ، فلم يمكنه من ذلك أمير مكة ، فسار وهو حنق.
ثم حجّ ثانيا فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة ، وقد قدم عليه الشريف ثقبة بن رميثة(٢) ، وأغراه بأخيه عجلان (٣) ، وأطمعه فى مكة وكسوة الكعبة ، فسار فى عسكر كبير ، فبلغ ذلك الشريف عجلان.
وكان الأمير طاز قد حج فى جماعة من الأمراء ، فبلغهم قدوم صاحب اليمن فى جحفل عظيم ، وأنه يريد يدخل مكة بلامة الحرب وحوله سلاح داريته وطبر داريته (٤) ليقيم فتنة ، فبعثوا إليه : «أنه من يريد الحج إنما يدخل مكة بذل ومسكنة ، وأنت تريد تبتدع بدعة فاحشة ، ونحن لا نمكنك من الدخول على هذه الصفة ، فإن أردت السلامة فابعث إلينا الشريف ثقبة يكون عندنا حتى تقضى الحج». فلم يجد بدا من الإذعان ، وبعث ثقبة ، فأكرمه الأمراء.
وبعث الأمير طاز إلى صاحب اليمن بالأمير طقطاى فى جماعة من المماليك ليكونوا فى خدمته حتى يقضى حجه ، فساروا إليه ، وأبطلوا السلاحدارية وحمل الغاشية وسائر ما كان اهتم به ، ومشوا فى خدمته حتى دخل الحرم وسلم على الأمراء واعتذر إليهم ، وأضمر أنه يصبر حتى يرحل الأمير طاز ، ويثور هو وثقبة على من بقى مع أمير الركب ، ويأخذ عجلان ، ويملكان مكة.
فلما كان يوم منى ركب الأمير بزلار ـ أمير الركب ـ من مكة فرأى خادم صاحب اليمن ، فاستدعاه إليه ، فامتنع من الحضور ، وضرب مملوك بزلار وبعض جنده
__________________
(١) انظر : (العقود اللؤلؤية ٢ / ٢ ، ٨٣ / ١٢٣ ، الدرر الكامنة ٣ / ٤٩ ، البدر الطالع ١ / ٤٤٤ ابن خلدون ٥ / ٥١٣ ، البداية والنهاية ١٤ / ٢٣٧ ، ٢٤٠ ، الأعلام ٤ / ٢٨٦ ، ٢٨٧).
(٢) انظر : (الدرر الكامنة ١ / ٥٣٠ ، البدر الطالع ١ / ١٨١ ، النجوم الزاهرة ١٠ / ٢٢٦ ، ٢٦٤ ، الأعلام ٢ / ١٠٠).
(٣) انظر : الدرر الكامنة ٢ / ٤٥٣ ، خلاصة الكلام ٣ ، الأعلام ٤ / ٢١٦).
(٤) وهو الذى يحمل الطبر حول السلطان عند ركوبه فى المواكب وغيرها. انظر : صبح الأعشى ١ / ٤٥٨.