بحربة ، ووقع الصوت فى الركب ، وركب بزلار إلى طاز ، وثار أهل اليمن بالسلاح ، فركب أمراء مصر وقت الظهر ، واقتتلوا مع اليمنيين ، وهزموا بزلار هزيمة قبيحة ، وأقبل عجلان ـ أمير مكة ـ بجيش كبير ، فأمره طاز أن يحفظ الحاج ، واستمرت الحرب إلى العصر ، وانكسر جيش اليمن ، وقتل منهم جماعة ، وقطع دهليز المجاهد ، وقبض عليه ، ونهبت أثقاله.
وقضى الناس حجتهم ، وسار الأمير طاز بالمجاهد معه ، ورتّب فى خدمته جماعة من مماليكه ، وبالغ فى إكرامه ، ووصّى الأمير عجلان بأمه وحرمه ، وكتب إلى السلطان يعرّفه بما وقع ، وتوجّه إلى مصر فقدم فى العشرين من المحرم سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة ، وصعد به إلى القلعة مقيدا فى يوم الخدمة ، فأوقف تجاه النائب ، والأمراء قعود ، حتى خرج أمير جاندار ، ودخل الأمراء إلى الخدمة بالإيوان ، وهو معهم ، فقبّل الأرض بين يدى السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ، ثم فكّ قيده ، وأنزل بالأشرفية من القلعة ، وأطلق له راتب ، وأقيم له من يخدمه ، ثم رسم بسفره إلى بلاده ، فخرج معه الأمير قشتمر ـ شاد الدواوين ـ وكتب للشريف عجلان ـ أمير مكة ـ أن يجهّزه ، وخلع عليه أطلسان ، وركب فى الموكب ، واستأنس السلطان به ، وتردد إليه الناس ، واقترض مالا كثيرا ، واشترى المماليك والخيل والجمال ، وأتته الإنعامات من السلطان ، والتقادم من الأمراء ، والتزم بحمل المال كل سنة على العادة.
وسار أول ربيع الأول ، فبعث قشتمر بالشكوى منه ، فرسم له أن يقبض عليه ويسيّره إلى الكرك ، ففعل ذلك ، وقبض عليه بالينبع ، وبعث به إلى الكرك. وأقام الملك المجاهد بالكرك قليلا ، ثم أفرج عنه ، وأحضر إلى القاهرة ، ووبّخ وعنّف تعنيفا كبيرا من الأمراء ، ثم خلع عليه ، وجهّز فى النيل ليتوجه إلى بلاده من عيذاب فى البحر ، وأنعم عليه الأمراء والسلطان بأشياء كثيرة ، ووصل إلى بلاده ، وقد ضبطت له أمه المملكة ، وأقام بها حتى مات فى سنة تسع وستين وسبعمائة ، وملك بعده ابنه الأفضل عباس.
* * *
الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (١)
جلس على تخت الملك وعمره عشر سنين فى نصف شعبان سنة أربع وستين
__________________
(١) انظر : (مورد اللطافة ٨٧ ، ابن إياس ١ / ٢١٢ ، حسن المحاضرة ٢ / ١٠٤ ، الدرر الكامنة ٢ / ١٩٠ ، البداية والنهاية ١٤ / ٣٠٢ ـ ٣٢٤ ، الأعلام ٣ / ١٦٤).