أنواع ما يصلح للظرفية من الأمكنة :
(ص) مسألة : يصلح للظرفية من الأمكنة ما دل على مقدر ، وفي كونه مبهما خلاف ، وما لا يعرف إلا بإضافة ، أو جرى مجراه باطراد ، ومنعه الكوفية إلا بإضافة لا تختص إلا بفي ونحوها ، وألحق به ما قرن بدخلت ، وقيل : هو مفعول به ، وقيل : اتساع ، وقيل : يجب النصب إن اتسع المدخول لا إن ضاق ، قال الفراء : وكذا ذهبت وانطلقت ، وابن الطراوة : والطريق مطلقا ، وألحق به قياسا ما اشتق من الواقع فيه ، وسماعا عند سيبويه ، والجمهور ما دل على قرب أو بعد كهو مني مزجر الكلب.
(ش) الذي يصلح للظرفية ويتعدى إليه الفعل من الأمكنة أربعة أنواع :
أحدها : ما دل على مقدار ويعبر عنه بمقدر قال أبو حيان : وهما متقاربان نحو : ميل وفرسخ وبريد وغلوة ، وهذا النوع اختلف فيه هل هو داخل تحت حد المبهم أم لا؟ فالشلوبين على الثاني ؛ لأن المبهم ما لا نهاية له ولا حدود محصورة ، وهذه الظروف المقدرة لها نهاية معروفة وحدود محصورة ؛ لأن الميل مقدار معلوم من المسافة ، وكذا الباقي ، والفارسي وغيره على الأول ؛ لأنه إنما يرجع تقديرها إلى السماع ألا ترى أن الغلوة مائة باع ، والميل عشرة غلاء ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والبريد أربعة فراسخ ، والباع لا ينضبط إلا بتقريب ؛ لأنه يزيد وينقص ، فيلزم أن تكون هذه المقدرات غير محققة النهاية والحدود ، بل تحديدها على جهة التقريب.
قال أبو حيان : والصحيح أنه شبيه بالمبهم ولذلك وصل إليه الفعل بنفسه ، وما ذكر من أن هذا المقدار ينصبه الفعل نصب الظرف هو قول النحويين ، إلا السهيلي فإنه زعم أن انتصاب هذا النوع انتصاب المصادر لا انتصاب الظروف ؛ لأنه لا يقدر بفي ولا يعمل فيه إلا ما كان في معنى المشي والحركة ، لا يقال : قعدت ميلا ، ولا رقدت ميلا ، والظرف يقع فيه كل ناصب له فهو اسم لخطى معدودة ، فكما أن سرت خطوة مصدر فكذلك سرت ميلا ونحوه.
الثاني : ما لا تعرف حقيقته بنفسه ، بل ما يضاف إليه كمكان وناحية ووراء ، وأمام ووجه وجهة وكجنابتي في قولهم : (هما خطان جنابتي أنفها) يعنون خطين اكتنفا جنبي أنف الظبية ، و (كجنبي) في قوله :