تريد ضربا معهودا بينك وبين المخاطب ، أي : الضرب الذي تعلم ، أو جنسية نحو : زيد يجلس الجلوس مريدا الجنس والتنكير ، ويكون بالنعت نحو : قمت قياما طويلا ، أو بالإضافة نحو : قمت قيام زيد ، والأصل قياما مثل قيام زيد ، حذف المصدر ثم صفته وقام مقامهما المصدر فأعرب بإعرابه.
الثانية : لا يجوز أن تقع أن والفعل في موقع المصدر ، فلا يجوز ضربته أن أضربه ؛ لأن (أن) تخلص الفعل للاستقبال ، والتأكيد إنما يكون بالمصدر المبهم ، وعلله بعضهم بأن (أن يفعل) يعطي محاولة الفعل ، ومحاولة المصدر ليست بالمصدر ، فلذلك لم يسغ لها أن تقع مع صلتها موقع المصدر ، وحكي عن الأخفش إجازة ذلك.
الثالثة : يقوم مقام المصدر المبين ما أضيف إليه من كل وبعض نحو : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) [النساء : ١٢٩] ، لمته بعض اللوم ، وما أدى معناهما نحو : ضربت أيّ ضرب ، (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) [هود : ٥٧] ، وضمير نحو : (لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [المائدة : ١١٥] ، ونوع نحو : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) [النازعات : ١] ، ورجعت القهقرى ، وقعدت القرفصاء ، وهيئة نحو : مات ميتة سوء ، وعاش عيشة مرضية ، وعدد نحو : ضربت ثلاثين ضربة ، واسم إشارة نحو : ضربت ذلك الضرب ، قال ابن مالك : ولا بد من جعل المصدر تابعا لاسم الإشارة المقصود به ذلك المصدر ، ورده أبو حيان بأن من كلامهم : ظننت ذلك يشيرون به إلى المصدر ، ولذلك اقتصروا عليه ؛ إذ ليس مفعولا أول ، ولم يذكروا بعده المصدر تابعا له ، وعلى هذا خرجه سيبويه ، ووقت نحو :
٧٢٨ ـ ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا
أي : اغتماض ليلة أرمد ، ونعت نحو : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) [آل عمران : ٤١] ، وما الاستفهامية نحو : ما تضرب زيدا ، أي : أيّ ضرب تضرب زيدا ، وما الشرطية نحو : ما شئت فقم ، أي : أيّ قيام شئت ، والآلة نحو : ضربته سوطا ، ورشقته سهما ، والأصل ضربة سوط ، ورشقة سهم.
__________________
٧٢٨ ـ البيت من الطويل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ١٨٥ ، والخزانة ٦ / ١٦٣ ، والخصائص ٣ / ٣٢٢ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٠٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٧٦ ، والمحتسب ٢ / ١٢١ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٢٤ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٧ ، والمنصف ٣ / ٨ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٢١١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٠٥.