ويجوز وقوع المصدر بعدهما نحو : ما رأيته مذ قدوم زيد بالرفع والجر ، وهو على حذف زمان ، أي : من زمن قدوم زيد ، ويجوز وقوع (أن) وصلتها بعدهما نحو : ما رأيته مذ أن الله خلقني فيحكم على موضعهما بما حكم به للفظ المصدر من رفع أو جر ، وهو على تقدير زمان أيضا ، ومذ ومنذ لا يجران إلا الظاهر من اسم الزمان أو المصدر على ما بين ، وأجاز المبرد أن يجرا مضمر الزمان نحو : يوم الخميس ما رأيته منذه أو مذه ، ورد بأن العرب لم تقله.
ولا يلحق مذ ومنذ بالظروف المتصرفة عند الجمهور من البصريين ، ومن قال بأنهما مبتدآن في الحال الثاني ألحقهما بالمتصرف.
مع :
(ص) (مع) لمكان الاجتماع أو وقته ، وتجر ب : (من) وتقع خبرا وصلة وصفة وحالا ، وسكونها قبل حركة وكسرها قبل سكون لغة ، وليست حينئذ حرف جر خلافا للنحاس ، وتفرد فتكون حالا بمعنى جميع وغيره بقلة ، وهل هي حينئذ مقصورة؟ خلاف ، ولا لسلب الاتحاد في الوقت وفاقا لثعلب وابن خالويه وأبي حيان.
(ش) من الظروف العادمة التصرف (مع) وهي اسم لمكان الاجتماع أو وقته ، تقول : زيد مع عمرو ، وجئت مع العصر ، ويدل على اسميتها تنوينها في قولك : معا ، ودخول (من) عليها في قولهم : ذهب من معه ، وقرئ : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) [الأنبياء ٢٤].
قال ابن مالك : (وكان حقه البناء لشبهه بالحروف في الجمود المحض وهو لزوم وجه واحد من الاستعمال والوضع الناقص ؛ إذ هي على حرفين بلا ثالث محقق العود ، إلا أنها أعربت في أكثر اللغات لمشابهتها (عند) في وقوعها خبرا وصفة وحالا وصلة ودالا على حضور ، وعلى قرب ، فالحضور ك : (نَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ) [الشعراء : ١١٨] ، والقرب ك : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح ٦] ، وتسكينها قبل حركة نحو : زيد مع عمرو ، وكسرها قبل سكون نحو : زيد مع القوم لغة ربيعة وحركتها حركة إعراب فلذلك تأثرت بالعوامل في من معه ، ومن سكن بنى وهو القياس ، واسميتها حين السكون باقية على الأصح كما يشعر به كلام سيبويه ؛ لأن معناها مبنية ومعربة واحد ، وزعم النحاس أنها حينئذ حرف جر وليس بصحيح) انتهى.
وبذلك عرف وجه ذكر (مع) في الظروف المبنيات ؛ لأنها مبنية في بعض اللغات مع