والجمهور لا يثبتون ذلك ، ووافقهم أبو حيان قال : لأنه لا يوجد في كلامهم
أحببت إذ قدم زيد ، ولا كرهت إذ قدم ، وإنما ذكروا ذلك مع (اذكر) لما اعتاص عليهم
ما ورد من ذلك في القرآن ، وتخريجه سهل وهو أن تكون (إذ) معمولة لمحذوف يدل عليه
المعنى ، أي : اذكروا حالتكم ، أو قضيتكم ، أو أمركم.
وقد جاء بعض
ذلك مصرحا به قال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً) [آل عمران : ١٠٣] ، فإذ ظرف معمول لقوله : (نِعْمَتَ اللهِ ،) وهذا أولى من إثبات حكم كلي بمحتمل ، بل بمرجوح انتهى.
وجوز الزمخشري
وقوعها مبتدأ فقال في قراءة بعضهم : لمن من الله على المؤمنين [آل عمران : ١٦٤] :
إنه يجوز أن التقدير (منه إذ بعث) ، وأن تكون (إذ) في محل رفع كإذا في قولك : أخطب
ما يكون الأمير إذا كان قائما.
قال ابن هشام :
فمقتضى هذا أن (إذ) مبتدأ ، ولا نعلم بذلك قائلا ، وتلزم (إذ) الإضافة إلى جملة
إما اسمية نحو : (وَاذْكُرُوا إِذْ
أَنْتُمْ قَلِيلٌ) [الأنفال : ٢٦] ، (إِذْ هُما فِي
الْغارِ) [التوبة : ٤٠] ، أو فعلية كما سبق ، ويقبح في الاسمية أن يكون عجزها فعلا
ماضيا نحو : جئتك إذ زيد قام ، ووجه قبحه أن (إذ) لما كانت لما مضى وكان الفعل
الماضي مناسبا لها في الزمان ، وكانا في جملة واحدة لم يحسن الفصل بينهما ، بخلاف
ما إذا كان مضارعا نحو : إذ زيد يقوم فإنه حسن.
ويشترط في
الجملة ألا تكون شرطية ، فلا يقال : أتذكر إذ إن تأتنا نكرمك ، ولا إذ من يأتك
تكرمه ، إلا في ضرورة.
وقد يحذف جزء
الجملة المضاف إليها (إذ) فيظن من لا خبرة له أنها أضيفت إلى المفرد كقوله :
٧٩٤ ـ والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا
والتقدير : إذ
ذاك كذلك ، وقد تحذف الجملة كلها للعلم بها ويعوض منها التنوين ،
__________________