تنام عيناك والمظلوم منتبه |
|
يدعو عليك وعين الله لم تنم |
وأمّا المظلوم والمستضعف والثائر المقهور فإنّهم جميعا يزدادون أملا واستقامة وتحدّيا عند ما يعرفون أنّ الله من الظالمين بالمرصاد ، فلا ينهزمون نفسيّا ولا يستسلمون.
(١٥) لكي يتسامى الإنسان عن حتميّات المادة ومؤثّراتها الضاغطة ، ولكي يبقى مالكا للدنيا متصرّفا فيها لا مملوكا لها مسترسلا معها ، وبالتالي لكي لا تطغيه الثروة والسلطة وتجرّه إلى الترف والفساد ، يبصرّنا الذكر بحكمة المال والقدرة المتمثلة في اختيار إرادة الإنسان وتجربة معدنه ومدى صبره على إغرائها وانسيابه مع جاذبيتها.
وليست الثروة دليل كرامة الإنسان عند الله واجتبائه من لدنه ، فلا يستبد به الغرور فيزعم أنّه على حق ، ثم يتسافل فيزعم أنّه بذاته الحق ، ثم يبلغ به السفه والطغيان إلى الزعم بأنّه الرب الأعلى!
كلّا .. الثروة مادة اختبار ، وعلى الإنسان أن يتخلّص من إغرائها بإنفاقها والتقيّد بالحدود الشرعية في جمعها.
(فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)
بلى. الثروة بذاتها نعمة وكرامة ولكنّها في ذات الوقت ابتلاء واختبار ، وهذا هو الخط الفاصل والدقيق في ذات الوقت بين البصيرة الإلهية والتصوّر البشري ، فليست الثروة رجسا ، وليست كرامة دائما ، بل هي حقيقة بلا هوية بلا صبغة ، وإنّما تكتسب هويتها وصبغتها من طريقة تصرّف الإنسان فيها.