(الخميس والجمعة) عاد بكتاب (تبصرة المتعلّمين) الذي أوجز فيه الفقه
الاسلامي كلّه ، ضمّنه عشرة آلاف فرع فقهي (قانون اسلامي) ولا يزال الكتاب يعتبر
قمّة في موضوعه ، وقد تناوله كبار فقهاء المسلمين بالشرح والتعليق ، وكان يعتبر من
أهمّ البنود الدراسية في الحوزات العلمية إلى وقت قريب.
وإذا عرفنا مدى
صعوبة السفر على الدواب حيث كانت الوسيلة الوحيدة للسفر في ذلك العهد ، وبالذات
إذا أراد الراكب أن يؤلفّ عليها وبأقلام مصنوعة من القصب ، نعرف مدى الجهاد الذي
كان قد مارسه عند كتابته هذا المؤلّف الكبير!
والشيخ الكبير
صاحب كتاب (جواهر الكلام) الذي وفّقه الله لتأليف موسوعة فقهيّة تتسع لكلّ أبواب
الفقه .. بأدلّتها التفصيلية العمل الذي عزم عليه الكثير من الفقهاء الإسلام فلم
يوفقوا .. فلو لا تحديه للعقبات بإرادة فولاذية إذا ما استطاع متابعة ذلك العمل
الجبّار .. حتى قيل أنّه أثكل بابنه الشابّ فلم يترك ما قرّره على نفسه من الكتابة
كلّ يوم ، بل انكبّ على الدراسة والبحث ، ولم يميّز أحد حتى اليوم تلك الصفحات
التي ألفّها في أيّام مصابه ممّا دلّ على عدم حدوث تغيير في مستوى تأليفه!
وهكذا سار
الفقهاء الذين عاش الواحد منهم أكبر من عمره الزمني أضعافا مضاعفة ثم مضوا إلى
ربّهم راضين مرضيين. إنّهم كانوا يعرفون قيمة كلّ ساعة بل كلّ لحظة من عمرهم ، فما
كانوا يستريحون حتى ينجزوا خلالها عملا صالحا ينفعهم يوم لا ينفع مال ولا بنون
إلّا من أتى الله بقلب سليم ، ذلك اليوم الذي من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ،
ومن خفّت موازينه فأمّه هاوية!
واليوم حين
ننظر إلى سلوك المسلمين كيف فقدوا وعي الزمن ، وضيّعوا فرص العمر ، وغرقوا في
اللهو واللعب ، نتساءل : كيف يمكن إعادة المسلمين إلى مناهج