دينهم الحضارية ، حتى يتغلّبوا على مشكلة التخلّف والتبعية التي هي أمّ المشاكل.؟
وهذا التساءل يشغلني كثيرا ، وقد قارنت بين منهج علمائنا السابقين القائم على تفجير الطاقات واستغلال الفرص وضغط الزمن بأيّ طريقة ممكنة .. وبين منهج علماء الغرب القائم على العمل الجمعي وعلى أساس تكاتف جهود كثير من ذوي الاختصاص على عمل واحد ، وتساءلت كيف يمكننا التوفيق بينهما؟ دعنا نضرب مثلا بين المنهجين : العلّامة الاميني كتب موسوعة (الغدير) بجهده الشخصي وميزانيته الخاصة المحدودة ، والكتاب بحاجة إلى جهود العشرات من المحقّقين ، بالاضافة إلى ميزانية كبيرة ، والمحدّث القمّي ألفّ (سفينة البحار) التي قال عنها أحد المستشرقين ـ حسبما سمعت ـ أنّه لا يمكن أن يكون جهد شخص واحد أبدا ، والشيخ آغا بزرك الطهراني كتب موسوعة (الذريعة) بجهده الشخصي ، وهي فهرست واسع لكلّ ما ألفّه علماء الشيعة عبر التاريخ وحتى اليوم.
إنّ هذه الأعمال الكبيرة ليست سوى انعكاس لمنهج الإسلام في التربية القائم على تحسيس الفرد بقيمة الزمن وقيمة الفعل عبره.
أمّا المنهج الغربي فإنّ الموسوعة الفرنسية والموسوعة البريطانية تعتبران من إنجازات العمل الجمعي التي لا ريب أنّها كبيرة ورائعة .. وأخيرا أنجزت الموسوعة الصينية التي ساهم فيها مائة ألف عالم.
إنّ المقارنة بين ذلك تجعلنا نكتشف مفارقة غريبة حيث ترانا ـ نحن المسلمين ـ قد تركنا منهجنا القائم على أساس الأعمال الفردية الكبيرة ، ولم نتعلّم منهج الآخرين القائم على العمل الجمعي ، فصرنا كمن ضيّع المشيتين! ولو كنّا نتّبع في تفجير طاقاتنا الفردية ، ووعي الزمن ، والسعي وراء إنجاز العمل الصالح لوجه الله ، نتّبع في ذلك منهج علمائنا الكرام ، وفي ذات الوقت نستفيد من المنهج