والضعف ، أو لم يقل ربنا سبحانه : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) وقال : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) وقال : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) وقال : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً).
أوليس بنوا آدم من تراب وطبيعة التراب العجز والضعف ، والجهل والغفلة.
فإن لم يتصل القلب بنور الله لحظة بلحظة كيف يبصر الحقائق ، وقد قال ربنا (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ).
وما لم يستمد العزيمة من الله بروح الايمان أنّى له تجاوز ضعفه وعجزه ، وتحدي الشهوات والضغوط.
ثالثا : من هنا يجأر المؤمنون الى ربهم الّا يتركهم وشأنهم لحظة ويقولون : ربنا لا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين أبدا
لان في تلك اللحظة الخاطفة قد تقع الواقعة ، ألم يترك الله نبيه يونس بن متى وشأنه ساعة ، فدعا على قومه ، وابتلي بالسجن في بطن الحوت.
وأظن أن ما صدر من الأنبياء من ترك الاولى إنما كان في اللحظات التي أوكلهم الله إلى أنفسهم ، فغفلوا ونسوا ، وسمى الله ما صدر منهم عصيانا ، ثم تاب عليهم لكي لا يزعم أحد أنهم آلهة ، ولكي يزدادوا يقينا واطمئنانا.
وهكذا روي عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ : «ان الشيطان واضع خطمه (١) على قلب ابن آدم ، فاذا ذكر الله خنس ، وإذا نسي التقم ، فذلك
__________________
(١) الخطم : أنف الإنسان ، مقدم أنف الدابة.