على مواجهة أعتى التحديات ، أو تدري كيف؟ لان القلب يومئذ يضحى طاهرا من وساوس الشيطان ، نقيّا من رواسب الشرك ، بعيدا عن أغلال التبرير والخداع الذاتي ، سليما من البغضاء والضغائن والحسد والظنون والتمنيات ، وآنئذ يكون صاحبه خفيف المؤنة ، نشيط التحرك ، كما لو نشط من عقال ، ولعل القرآن يشير الى ذلك بقوله :
(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ)
لان الوزر هو الحمل الثقيل ، ووضع الحمل رفعه ، فأي حمل أشدّ ثقلا من حب الدنيا ، والخوف من أهلها ، والتثاقل إلى الأرض؟ ونجد تأييد ذلك في الحديث المأثور عن النبي ـ صلّى الله عليه واله ـ حيث سئل فقيل له : يا رسول الله! أينشرح الصدر؟ قال : «نعم» قالوا : يا رسول الله! وهل لذلك علامة يعرف بها! قال : «نعم. التجافي عن دار الغرور ، والانابة إلى دار الخلود ، والاعداد للموت قبل نزول الموت» (١)
فاذا كان شرح الصدر ـ في حسب هذا الحديث ـ يتم بالتجافي عن الدنيا ، فان وضع الوزر يكون أحد مظاهره ، كما نجد تصديق ذلك في قوله سبحانه صفة الرسول : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) (٢)
والإصر هو الحمل الثقيل ، وقد فسرت بالشرك والخرافات ، كما أن أحد معاني الأغلال : القيود النفسية التي تمنع التحرك.
وقد تم كل ذلك بالوحي المتمثل في الكتاب ، وأي مؤمن ليستفيد منه نصيبا عند ما يتلوه حق تلاوته ، فينشرح به صدره ويتخفف عن وزره وأثقاله.
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٦٠٣
(٢) الأعراف / ١٥٧