ـ عليهما السلام ـ.
والآيات في سورة الضحى وهذه ترفع شأن الرسول إلى أسمى المراتب ، ولكن بصيغة تنفي في ذات الوقت بدعة الغلو التي ابتليت بها الأمم فيما يتصل بالصالحين منهم ، وإنّك لترى ـ مع كل هذا الوضوح في التعبير ـ أنّ عامّة المسلمين لا تخلوا نظراتهم حول النبي وسائر أولياء الله من شوائب الغلو ، جهلا بأنّ مقاماتهم السامية ليست بذواتهم ، بل بما حباهم الله سبحانه ، وإلّا فهم بشر كسائر البشر لولا رحمة الله.
وقد شرح الله صدر النبي بالايمان ، وشرحه باليقين ، وشرحه بالرسالة ، حتى جعله يتحمل ما تشفق الجبال من حمله ، حتى واجه ذلك المجتمع الجاهلي الفظ الجافي الحاد العنيف بتلك الأخلاق الحميدة التي نعتها الله جل ثناؤه بالقول : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (١).
لقد وسع قلبه لما مضى من الزمان ولما قد يأتي ، وهيمن بقلبه الكبير عليهما جميعا ، ولا يزال الزمن يتقدم ويتطور ورسول الله يقوده وحتى قيام الساعة.
ولقد شرح الله صدر الرسول بأولئك الصفوة من أصحابه الذين حملوا رسالته ، وتابعوا مسيرته وفي طليعتهم ابن عمه الامام علي ـ عليه السلام ـ الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى ـ حسب الحديث المتفق عليه ـ أو لم يؤيد الله كليمه موسى ـ عليه السلام ـ بأخيه هارون ، وكان استجابة لدعائه ، حيث قال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) الى قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي).
(٢) حينما يشرح الله القلب بالايمان فإنه يتسع للمشاكل والصعاب ، ويقدر
__________________
(١) القلم / ٤