السائل ، وزرعها بعقدة الضّعة ، فربما دار دولاب الزمن واستغنى السائل وافتقر المسؤل! كما أن في ذلك إفساد للمجتمع بتكريس الطبقية فيه.
وقد وصّى الإسلام بالسائل كثيرا ألّا ينهر ، فقد روي عن رسول الله ـ صلّى الله عليه واله ـ : «ردّوا السائل ببذل يسير ، أو ردّ جميل ، فإنه يأتيكم من ليس من الانس ولا من الجن ينظر كيف صنيعكم فيما خوّلكم الله» (١).
ونهى الإسلام من السؤال ، واعتبره ذلّا ، ولكنه نهى أيضا عن رد من يسأل ، جاء في حديث مأثور عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ أنه قال : «لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحد ، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة ما رد أحد أحدا» (٢).
(١١) الرزق طعام الجسد ، وشكره طعام الروح ، ومن فقد الشكر أحسّ بجوع دائم ، أوليس أعظم الغنى غنى النفس؟
أولئك الذين يستشعرون الفقر النفسي يشبهون تماما المصابون بمرض الأفكل ، تسري في عروقهم قشعريرة باردة ولو تحت عشرين دثارا.
والعطف على اليتيم ، ورد السائل بالإنفاق أو بالكلام الطيب مظهران للشكر ، إلّا أن لشكر نعم الله مظاهر شتى أمر الإسلام بها جميعا عبر كلمة حكمة جامعة ، فقال :
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
والحديث عن النعمة يشمل ثلاثة أبعاد :
__________________
(١) المصدر.
(٢) نور الثقلين ج ٥ ص ٥٩٨.