والتصديق يسّره الله للحسنى ، ومن اختار البخل والتكذيب يسّره الله للعسرى. أقول : أكمل هذه البصيرة ببيان : أن الهدى عليه ، والسعي علينا ، ولذلك فالإنسان هو الذي يتحمل مسئولية سعيه.
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى)
وقال سبحانه : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) وقال (إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) وعلى الإنسان ان ينتظر هدى الله وبيانه. فإذا هداه بادر باتباع هداه وتنفيذ بيانه.
(١٣) وإن الرب الجبار هو المسيطر على شؤون الاخرة والدنيا ، فإذا اتبع أحد هداه فبتوفيقه وتيسيره ، وإذا ضلّ وعصى ففي اطار قدرته ، فلا يعصي الله عن غلبة أو ضعف ، ولا يتهرب العصاة عن حدود مملكته.
(وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى)
ان العصاة يتّكلون على أنفسهم ، ويزعمون أن هامش الاختيار والامتلاك الذي أوتوا يوفر لهم إمكانية تحدي مالكهم ومليك السموات والأرض ، ولكنهم في ضلال بعيد ، فالله هو مالك الدنيا كما هو ملك الاخرة ، ولذلك فبيده أمرهم وجزاؤهم في الدارين جميعا.
(١٤) ولذلك فهو يعاقبهم في الدنيا بتسهيل سبيل العسر لهم ، واستدراجهم فيه بسوء اختيارهم له ، ويعاقبهم في الاخرة بنار تتقد وتبتلع الأشقياء.
(فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى)
انها نار ملتهبة ، تنتظر كلّ الأشقياء ، وعلينا الحذر منها ، لان الله قد أنذرنا جميعا ، فلا يقولن أحد : أنا بعيد عنها لاني أملك مالا ، أو جاها ، أو انتمي