(١١) من ضيق نفس البشر ومحدودية أفقه أنه يفرح بما أوتي حتى يستغني به عما لا يملك ويتملكه الغرور به ، والاستغناء والغرور يدفعانه إلى الطغيان ، كما يقول ربنا سبحانه : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (١).
ومن فرط غرور المرء بماله يزعم أن ماله يصنع له المعجزات ، وانه يمنع عنه كل سوء ، ولكن هيهات.
(وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى)
أي سقط في الهاوية بفعل ذنوبه! وقيل : معناه إذا مات.
وقد جاء في حديث مأثور عن الامام الرضا ـ عليه السلام ـ في تفسير هذه الاية : انها نزلت في أبي الدحداح ، قال : ان رجلا من الأنصار كان لرجل في حائطه نخلة ، فكان يضربّه ، فشكا ذلك إلى رسول الله فدعاه ، فقال : أعطني نخلتك بنخلة في الجنة ، فأبى ، فسمع ذلك رجل من الأنصار يكنّى أبا الدحداح ، فجاء الى صاحب النخلة فقال : بعني نخلتك بحائطي ، فباعه فجاء إلى رسول الله ، فقال : يا رسول الله! قد اشتريت نخلة فلان بحائطي ، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه واله ـ تلك بدلها نخلة في الجنة ، فأنزل الله تعالى على نبيه : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ... الآيات (٢)
(١٢) من المسؤول عن عملك أنت أم ربك؟ كلّ منا يجيب بفطرته وبلا تردد أنه هو الذي اختار نوع عمله ، فهو إذا مسئول عنه ، ومجزي به ؛ إنما يوفر الله سبحانه له فرص الهداية كاملة ، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها ، وهكذا أتم السياق بيان مسئولية الإنسان عن أفعاله ، وأن سعيه شتى ، فمن اختار العطاء
__________________
(١) العلق / ٦.
(٢) نور الثقلين ج ٥ ص ٥٨٩.