بلاء ومكروه قليل مكثه ، يسير بقاؤه ، قصير مدّته ، فكيف احتمالي لبلاء الاخرة وجليل وقوع المكاره فيها؟! وهو بلاء تطول مدّته ، ويدوم مقامه ، ولا يخفّف عن أهله ، لأنّه لا يكون إلّا عن غضبك وانتقامك وسخطك ، وهذا ما لا تقوم له السموات والأرض ، يا سيدي فكيف بي وأنا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين؟!» (١)
(٢٦) كما لا شيء يشبه سجن الله ووثاقه.
(وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ)
أي لا يشدّ أحد وثاقا بذات الشدة التي يشدّ الله وثاق الكفّار.
(٢٧) أهذا خير أم مصير المؤمنين الذين قدّموا لحياتهم فعمروا آخرتهم ، فاطمأنت نفوسهم بسكينة الإيمان ، وتساموا فوق مؤثّرات المادة ، فربما ملكوها ولكنّها لم تمتلكهم أبدا ، فعاشوا أحرارا ، وماتوا سعداء ، إذا استقبلهم ملك الموت فبترحاب ، ونودوا في أوّل ساعة من حياتهم الأبدية بالبشرى.
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)
يعيش المؤمن بين الخوف والرجاء ، فإن دعاه إلى الخوف إحساسه بالتفريط في جنب الله ، فقد دعاه إلى الرجاء يقينه بعظيم عفو الله وواسع رحمته. وكل خوفه من العاقبة السوئى ، ومن ألّا يتقبّل الله حسناته ، ولا يتجاوز عن سيئاته ، ومن أن يتبيّن في ساعة الرحيل أنّ حساباته كانت خاطئة ، وأنّه ليس كما كان يرجو من أصحاب الجنة. أو لم تسمع مناجاة الإمام السجّاد علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ : «ليت شعري أللشقاء ولدتني أمّي أم للعناء ربّتني ، فليتها لم تلدني ولم
__________________
(١) مفاتيح الجنان / دعاء كميل.