لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (١) ، فأشركوا بالله أو آمنوا بصفات تعالى ربنا عنها : جسّدوه أو زعموا انه مغلول اليدين أو أنّه ـ سبحانه ـ ظالم للعبيد أو هازل في الوعيد أو ما أشبه وكان ذلك مساوقا لعدم الإيمان به رأسا ، وهذه كلّها جرّتهم إلى واد سحيق من الانحراف والضلال في الدنيا والعذاب في الآخرة.
من هنا نستطيع القول بأنّ حقيقة التسليم والعبودية لله عزّ وجلّ تتأسس بصورتها السليمة على المعرفة بعظمته من خلال آياته وأسمائه الحسنى ومن ثمّ استشعار عظمته في القلب.
الثانية : وثمّة صفة سيئة أخرى عند أصحاب الشمال تتصل بعلاقتهم مع عباد الله ، وهي عدم قضاء حوائجهم بل عدم الحث على قضائها.
(وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ)
فهو يرتكب ذنبين عظيمين : أحدهما : الامتناع عن الإنفاق على المحتاجين الذين فرض الله لهم حقّا في أموال الناس ، والآخر : تركه لواجب الأمر بالمعروف ، والأخير نتيجة طبيعية للأوّل ، ذلك أنّ الذين يبخلون بأموالهم على الناس يتمنّون أن يكون المجتمع مثلهم حتى يبرّروا موقفهم.
وللمتدبّر أن يتصور مدى صلافة من لا يحض على طعام المسكين وانعدام العاطفة والوجدان عنده ، حيث يرى مسّ الجوع والحاجة عند أضعف طبقة اجتماعية ثم لا يبالي بالأمر ، ولا يتحمّل المسؤولية ، مع وجود أمر الله بالإنفاق ، وكون ما عنده من نعمه وفضله الذي يأتمن عليه خلقه.
ولقد ربط الإسلام بين الإيمان بالله والنفع لعباده وكأنّهما صنوان لا ينفكّان ،
__________________
(١) الحج / ٧٤.