إذ الإحباطات الآنية التي يواجهها المؤمنون في مسيرتهم وانطلاقا من هذه البصيرة لا ينبغي أن تبعث فيهم اليأس أو التشكيك في صحة خطهم وسلامة قيادتهم ، فإنّ المستقبل مهما طال الزمان ورغم الظواهر السلبية في صالحهم وفي صالح رسالتهم ، لأنّهم يتبعون الحق.
[٧] ومع أنّ هذه من القواعد الأساسية التي يجب على الرساليين اعتمادها في تحركهم ، إلّا أنّهم يستمدون مناعتهم بالحق ، وإيمانهم بسلامة الخط من الإيمان بالله ، فليس المهم عندهم أن يكونوا في نظر الآخرين أصحاب حق ، أو أن يكشف لهم واقع الدنيا عن هذه القضية ، إنّما الأهم أن يكونوا عند الله من المهتدين ، ذلك أنّهم لا ينفعهم ثناء أحد إذا كانوا عند الله من الضالين ، كما لا يضرهم شيء لو كانوا عنده من أهل الهداية. وإنّ الرساليين إذا ما تمسكوا بهذا الأصل فلن يتأثروا بالضغط أو الاعلام المضاد ، ولن ينال أحد من قناعتهم قيد شعرة.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
والسؤال : كيف يكتشف الإنسان واقع انتمائه هل هو إلى فريق الضالين أم إلى فريق المهتدين؟ وبتعبير آخر : كيف يصل المؤمنون إلى القناعة التامة والراسخة بأنّهم أهل الحق؟
والجواب على ذلك : إنّ لله في هذه الحياة سبيلا واحدا هو الصراط المستقيم (الحق) الذي يتجسد في رسالة الله وفي القيادة الرسالية وخطها السليم ، فمن اتبع رسالته ودينه ، وسلّم لقيادة الحق (الرسل وأئمة الهدى الذين يمثلون امتدادا حقيقيّا لهم عبر التاريخ) وانتمى لخطهم ، فهو من المهتدين ، وإلّا فهو من الضالين.
ونهتدي من الآية الكريمة إلى أنّ هناك علمين هما : علم الإنسان عبر عقله ،