بالإنسان ، رأسها الجبال ومناكبها السفوح والسهول وما دون القمم العالية الوعرة التي يصعب المشي فيها. وحينما نمشي فإنّنا ليس فقط نحصل على الرزق بل ونزداد معرفة أيضا. وهناك علاقة بين فعلي الأمر «امشوا» و «كلوا» ذلك أنّ رزقنا لا يمكن أن يمشي إلينا بل لا بد أن نسعى إليه بأنفسنا ، وهذه هي القاعدة السليمة التي يجب علينا أن نتبعها في الحياة لنمارس مسئوليتنا فيها ونصل إلى اللقمة الحلال والمرضية عند الله ، إذن فليس في الدين دعوة للخمول والكسل والتّطفل على الآخرين ، كما يصوّره البعض ، إنّما هو صورة لسنن الحياة الواقعية التي لا يمكن لأحد الوصول إلى أهدافه وأغراضه إلّا من خلالها ومن أهمها سنّة السعي والكدح.
ثم تنسف الآية الكريمة في خاتمتها كلّ القيم المادية التي تفسر الحياة تفسيرا شيئيا ، وتحصر مسئولية الإنسان في الوجود في مساحة ضيقة وتافهة ، فإذا بها تنزل به إلى واد سحيق وطموحات ضالة ، وكأنّه يشبه الأنعام خلق ليأكل ليعيش بلا هدف! كلّا .. إنّ الإنسان له أن يتعلّم من الحياة والطبيعة من حوله درسا أساسيا ، فلينظر إلى ما حوله هل يجد شيئا خلق بلا هدف؟ فما هو هدفه؟ دعه يبحث عن هدفه فإنّه سيجد هدفه أعظم من مجرد الأكل والشرب والتلذذ ، كلّا .. إنّ له تطلّعا أسمى وطموحات أكبر .. مثلا يتطلع كلّ إنسان لملك الأرض والخلود في الحياة هل يتحقق له ذلك في هذه الحياة؟ كلّا .. وهكذا يهتدي الإنسان إلى الإيمان بالآخرة ، وبعبارة موجزة : سيواجه الحقيقة التي تطرحها الآية في خاتمتها :
(وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
وتنطوي هاتان الكلمتان على مجمل حقائق الإيمان حيث الإيمان بالآخرة ، والتسليم لله عزّ وجلّ نفسيا بالإيمان وعمليا باتباع رسله ومناهجه. وعند ما نتأمل في