الحق ، وأنّك أحقّ بمقام نبيّك ممّن استولى عليه (١)
وقال (عليه السلام) يحدّث عن الله : أوّل الدّين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال «فيم» فقد ضمّنه ، ومن قال «علام» فقد أخلى منه ، كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كلّ شيء لا بمقارنة ، وغير كلّ شيء لا بمزايلة ، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ، ولا يستوحش لفقده (٢)
بهذه البصائر الإيمانية ينبغي أن نفهم أسماء الله ، وبها نفسّر كتاب الله ، وبالذات قوله في هذه الآية (رابعهم ، وسادسهم ، ومعهم أينما كانوا) ، بعيدا عن التصورات البشرية المحدودة والفلسفات الضالة المنحرفة ، والعقائد الشركية.
(ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ)
لا يعزب عنه مثقال ذرّة أبدا.
(إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
وهذه الآية تنطوي على تحذير للمنافقين والمتآمرين على الحق على مرّ التاريخ ،
__________________
(١) المصدر
(٢) نهج خطبة (١) ص ٣٩ ـ ٤٠