وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ «الآية» : «هو واحد أحديّ الذات ، باين من خلقه ، وبذلك وصف نفسه ، وهو بكل شيء محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة ، (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ، وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) ، بالإحاطة والعلم لا بالذات ، لأنّ الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة ، فإذا كان بالذات لزمه الحواية» (١)
وجاءت الرواية أنّ بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر فقال له : أنت خليفة نبي هذه الأمّة؟ قال له : نعم ، فقال له : إنّا نجد في التوراة أنّ خلفاء الأنبياء أعلم أممهم فخبّرني عن الله أين هو في السماء أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر : هو في السماء على العرش ، فقال اليهودي : فأرى الأرض خالية منه ، وأراه على هذا القول في مكان دون مكان؟ فقال له أبو بكر : هذا كلام الزنادقة. اغرب عني وإلّا قتلتك ، فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) : يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وأجيب عنه به ، وإنّا نقول : إنّ الله جلّ وجلاله أيّن الأين فلا أين له ، وجلّ أن يحويه مكان ، هو في كلّ مكان بغير مماسة ولا مجاورة ، يحيط علما بما فيها ولا يخلو شيء منها من تدبيره تعالى ، وإنّي مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم تصدق ما ذكرته لك ، فإن عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي : نعم ، قال : ألستم تجدون في بعض كتبكم أنّ موسى بن عمران كان ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرق فقال له موسى : من أين أقبلت؟ قال : من عند الله ، ثم جاءه ملك من المغرب فقال له : من أين جئت؟ قال : من عند الله ، ثم جاءه ملك فقال له : قد جئتك من السماء السابعة من عند الله ، ثم جاءه ملك آخر فقال هل : قد جئتك من الأرض السفلى من عند الله ، فقال له موسى : سبحان من لا يخلو منه مكان ، ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان ، فقال اليهودي ، أشهد أنّ هذا هو
__________________
(١) المصدر / ص ٢٥٨