أسألك ان تمطر السماء عليهم إذا أرادوا وتحبسها إذا أرادوا فأجبتهم ثم صيرتها ضررا ، فقال : يا موسى انا كنت المقدر لبني إسرائيل فلم يرضوا بتقديري ، فأجبتهم الى إرادتهم فكان ما رأيت» (١).
ومن دقيق عبارة القرآن انه لم يقل أأنتم تخلقونه كما هو حال الحيمن والجنين لأنه ليس من عاقل يدعي ذلك وعملية النمو من البذرة حتى الثمرة تتم خارج ارادتنا وبعيدا عن أيدينا ، ولان نفي مجرد الزراعة ينفي الخلق بالتأكيد.
[٦٥ ـ ٦٧] والدليل إلى أننا لسنا الزارعين ، ان الله قادر على منع المطر ، أو ان يسلط على حرثنا وباء فلا تقوم له قائمة ، (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ) (٢). ولا أحد يمنع قدرته عزّ وجلّ.
(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)
قالوا : تتكلمون في مجالسكم ، من جهة التعجب والتندم على ما أنفقتم في الأرض لأجل الزرع ، والمراد انكم لا تقدرون امام قدرة الله بجعله النبات هشيما إلا (على) التكلم فقط (٣). ولعل أصل الكلمة (فكه) يدل على الحديث غير الضروري وغير الجاد وغير الحق ، ومنه سمي المزاح تفكها باعتباره لا يهدف بيان الحقيقة ، كما سمي بالباطل. ومنه أيضا سميت (الثمرات) بالفاكهة باعتبارها غير ضرورية. ومن هنا قيل : التفكه : التكلم فيما لا يعنيك ومنه قيل للمزاح فكاهة وهذا المعنى أقرب الى الآية.
حيث ان الإنسان يفقد الارادة امام المشاكل ، ويتراكم عليه الهم والغم عند
__________________
(١) المصدر.
(٢) ال عمران / ١١٧.
(٣) تقريب القرآن الى الأذهان آية الله الشيرازي.