السهول والروابي والجبال وعلى الأراضي البعيدة كما القريبة.
وعشرات الألوف من السنن والأنظمة تتولّى تدبير هذه الدورة النباتية التي ينهض كلّ عامل فيها بدوره المرسوم ، وتتكامل العوامل حتى تبني حياة زاخرة بالخير والبركة.
أو ليس في ذلك عبرة تهدينا إلى ما ورائها من تقدير وتدبير ، وأنّ الإنسان الذي تخدمه هذه المنظومة المتكاملة من العوامل لا يمكن أن يخلق عبثا أو يترك سدى. إنّه هو الآخر جاء لحكمة بالغة ، ويذهب وفق سنّة نافذة ، وتحكمه سنّة الجزاء العادل.
هكذا تتواصل آيات الكتاب المبين ببلاغة معجزة وفي أيمان متلاحقة لتبصّرنا بأنّ الوعيد حق والجزاء واقع لا ريب فيه ، وهذه من أبرز غايات القسم في آيات الذكر الذي سوف نجده بتكرار في فواتح السور الآتية ، وسوف نذكّر ـ كما ذكّرنا مرارا ـ بغاياته المتنوعة.
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً)
إنّها الرياح التي تنشر الغبار والأوراق والبذور. ما أقدرها من قوّة ، وما أعظم تدبير من سخّرها لبثّ البذور في الفلوات والمفازات المتباعدة ..
تفكّر ما ذا لو سكنت الريح ، ولم تكن هذه العواصف الهوج والأعاصير الرهيبة ، كيف كانت تنتشر في الأرض بذور النباتات الطبيعية التي تكمل كلّ واحدة منها الأخرى ، وهي جميعا ضرورة قصوى في دورات الحياة النباتية والحيوانية.
إنّنا نمرّ عبر أراضي شاسعة ونجد آثار الحياة في بقعة بقعة وقيعة قيعة ، ولا نعرف